كوفولا الفنلندية تتحول إلى مركز بيانات عالمي: بين فرص الاستثمار والمخاوف الأمنية

تعد مدينة كوفولا من المدن الصغيرة في فنلندا، وكغيرها من المدن الصغيرة، كانت تعاني من قلة فرص العمل، ما أثر سلباً على متوسط الدخل المحلي، ودفع الشباب إلى مغادرتها بحثاً عن وظائف في المدن الكبرى.
لكن مع إعلان الشركة الدولية هايبركو (Hyperco) عن نيتها بناء مركز بيانات حديث يستفيد من المناخ المتجمد للمدينة، تغير الوضع بشكل جذري، إذ توفرت العديد من الوظائف لسكان المدينة، وتم دفع الضرائب المستحقة، إضافة إلى استثمار ملايين الدولارات في شراء الأراضي الفارغة.
وعلقت رئيسة البلدية، ماريتا تويكا، قائلة:
“نحن سعداء بشكل خاص بالوظائف الجديدة والأثر الطويل المدى للاستثمار على الاقتصاد وحيوية المنطقة بأكملها”، بحسب تقرير نشرته صحيفة صنداي تايمز.
تيك توك تختار كوفولا
في البداية، لم يعرف أحد من العملاء المستهدفين لمركز البيانات، حتى تبين لاحقاً أن الشركة الصينية بايت دانس، المالكة لمنصة تيك توك، ستكون أول العملاء. وطرح هذا الاختيار سؤالاً محورياً: لماذا اختارت تيك توك هذه البلدة الصغيرة لتأسيس مركز بيانات خاص بها؟
فنلندا موقع مثالي لمراكز البيانات
تتمتع فنلندا بعدة مقومات تجعلها وجهة مثالية لشركات التقنية الراغبة في بناء مراكز البيانات:
- مناخ بارد ومتجمد يساعد على تبريد الخوادم بشكل طبيعي، وهو التحدي الأكبر في مراكز البيانات.
- مسطحات مائية واسعة، بما في ذلك بحر البلطيق و180 ألف بحيرة، توفر حلول تبريد فعالة.
- استقرار سياسي رغم الجوار الروسي، مع مساحات شاسعة صالحة للتطوير.
وقد استثمرت شركات كبرى مثل غوغل في فنلندا، حيث أنشأت مركز بيانات ضخم في هامينا بجنوب البلاد، وأعلنت عن استثمار مليار يورو لتوسيع المركز، إلى جانب 27 مليون يورو لإنشاء مراكز إضافية، ليصل إجمالي استثمارات غوغل في فنلندا إلى 4.5 مليارات يورو.
وبحسب موقع منتدى مركز البيانات، تخطط شركة هايبركو لاستثمار 200 مليون يورو خلال السنوات القادمة لتعزيز بنية مراكز البيانات في البلاد.
مخاوف سياسية وأمنية
أثار اكتشاف أن تيك توك هي أول عملاء مركز البيانات موجة غضب بين السياسيين والفنلنديين، بسبب الارتباط المحتمل للشركة بالحكومة الصينية.
وصرح ويل ريدمان، وزير الشؤون الاقتصادية السابق:
“يجب ألا يكون عملاء هايبركو من بين تلك الشركات”، مشيراً إلى احتمال استخدام المركز لتجاوز القيود التجارية على الصين وشركاتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، رأى بعض المسؤولين مثل تيمو هارا، نائب الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أن المشروع فرصة لجذب الاستثمارات وإنعاش الاقتصاد، مؤكدين ضرورة الحذر في التصريحات الرسمية.
كما طالب يارنو ليمنيل، عضو البرلمان عن حزب الائتلاف الوطني الحاكم، بتعليق المشروع مؤقتاً لتقييم المخاطر الأمنية بشكل كامل، مستفيداً من خبرته السابقة في الأمن السيبراني.
من يقف خلف هايبركو؟
كانت هايبركو شركة أوروبية المنشأ، حتى مارس/آذار الماضي، إذ انتقلت ملكيتها إلى إدجنيكس (Edgnex)، المملوكة لأحد المقربين من دونالد ترامب. وتمتلك إدجنيكس مجموعة داماك، التي يديرها رجل الأعمال الإماراتي حسين السجواني، أحد أكبر المستثمرين في الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة.
ويعرف عن السجواني صداقته الوثيقة مع ترامب، الذي أشاد بالاستثمار الضخم الذي تجاوز 20 مليار دولار في مراكز البيانات بالولايات المتحدة، معتبراً أن فوزه بالانتخابات كان السبب وراء هذا الاستثمار.
الأسئلة المفتوحة
تثير هذه العلاقات والتداخلات بين الشركات والاستثمارات الأجنبية، وخصوصاً موقف ترامب الموالي لـ تيك توك، العديد من التساؤلات حول دور الرئيس الأميركي في مشاريع مراكز البيانات ومدى تأثيرها على الأمن السيبراني والسياسات التجارية الدولية.