اقتصاد

فايننشال تايمز: رسوم ترامب على النحاس قد تعزز هيمنة الصين بدلاً من دعم الصناعة الأميركية

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن قيادات كبرى في قطاع التعدين حذرت من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على واردات النحاس قد تؤدي، بعكس أهدافها المعلنة، إلى تعزيز الهيمنة الصينية على صناعة الصهر بدلاً من تحفيز تطوير منشآت أميركية جديدة.

وتبلغ الرسوم 50% على بعض منتجات النحاس المستوردة، وهي جزء من خطة ترامب لتقوية الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الصين في المعادن الأساسية. غير أن خبراء القطاع يرون أن هذه الخطوة لا تمثل حافزاً كافياً لبناء مصاهر جديدة في الولايات المتحدة، نظراً لارتفاع تكاليف إنشائها واستهلاكها الضخم للطاقة مقارنة بالاستثمارات الهائلة التي ضختها بكين في هذا المجال.

حالياً لا تمتلك الولايات المتحدة سوى مصهرين عاملين، في حين تدير الصين عشرات المصاهر التي تهيمن على السوق العالمية. وقال دنكان وانبلاد، الرئيس التنفيذي لشركة “أنغلو أميركان”، إن تكلفة بناء مصاهر جديدة في أميركا ستكون “مرتفعة بشكل غير عادي”، محذراً من أن النتيجة النهائية قد تكون خلق “بيئة تضخمية عالمية أكبر”.

من جهته، وصف أندرو فورست، رئيس مجموعة “فورتسكيو ميتالز” الأسترالية، الرسوم بأنها “إيذاء للنفس”، مؤكداً أنها ستعيق التصنيع في أميركا الشمالية وتؤدي إلى “تصدير الوظائف والصناعات” للخارج.

ورغم أن الولايات المتحدة تنتج بعض خام النحاس، إلا أنها لا تمتلك القدرة الكافية لتكريره محلياً. فقد أعلن البيت الأبيض أواخر يوليو/تموز أن الرسوم ستُطبق على المنتجات شبه المصنعة مثل الأنابيب والأسلاك والكابلات، بينما استُثني النحاس المكرر، في خطوة فاجأت الأسواق.

وبحسب مجموعة دراسة النحاس الدولية، استحوذت الصين عام 2023 على أكثر من 50% من طاقة صهر النحاس العالمية، مقابل 7% لليابان، و5% لتشيلي، و4% لروسيا.

ورغم تشديد ترامب في مرسومه التنفيذي على أن الرسوم ضرورية لمواجهة “الممارسات التجارية غير العادلة” وحماية المصانع المحلية، فإن خبراء مثل كاثلين كويرك، الرئيسة التنفيذية لشركة “فريبورت ماكموران”، يرون أن بناء مصهر جديد في الولايات المتحدة “تحدٍ كبير” يتطلب استثمارات طويلة الأجل، ولا يمكن أن يعتمد فقط على الحماية الجمركية.

وفي السياق ذاته، أشارت شركة “نورسك هيدرو” الأوروبية إلى أن الرسوم لا تشكل أساساً كافياً للاستثمار في المصاهر، إذ قد تتغير السياسات التجارية سريعاً.

كما حذّر محللون من أن فائض الطاقة الإنتاجية في الصين يضغط على السوق العالمية، ما دفع بعض المصاهر خارج الصين إلى الإغلاق، مثل مصهر “باسار” التابع لشركة “غلينكور” في الفلبين.

ويرى إيرك هايمليش من مجموعة “سي آر يو” لتحليل الأسواق أن الطاقة الصينية ستواصل النمو بينما تتراجع في مناطق أخرى، مؤكداً أن “الشركات المملوكة للدولة في الصين قادرة على تحمل الضغوط لفترات طويلة جداً”.

وأشار متعاملون في السوق إلى أن تحقيق اكتفاء ذاتي أميركي في النحاس يتطلب حزمة سياسات متكاملة، تشمل تسريع تراخيص بناء المصاهر، وتقديم إعفاءات ضريبية، وحظر تصدير خردة النحاس إلى الصين. وقد أعلنت إدارة ترامب بالفعل أن 25% من خردة النحاس عالية الجودة المنتَجة محلياً ستباع داخل الولايات المتحدة.

لكن محللين مثل دانيال هاينز، كبير استراتيجيي السلع في بنك “إيه إن زد”، حذروا من أن العقبات التي تضعها واشنطن قد تنعكس سلباً، إذ “ستسهل على الصين تعزيز هيمنتها على المدى الطويل في عدد من أسواق المعادن الأساسية”.

زر الذهاب إلى الأعلى