سيناء بين الأمن المصري والقلق الإسرائيلي: تصاعد التوتر حول ترتيبات كامب ديفيد

تشهد شبه جزيرة سيناء في الأشهر الأخيرة تصاعدا لافتاً في التوتر، إذ تقف عند تقاطع حساس بين متطلبات الأمن القومي المصري بعد حرب غزة، والقلق الإسرائيلي المتنامي من تغيّر معادلات القوة والانتشار العسكري في المنطقة.
فبينما ترى القاهرة أن تعزيز وجودها شرق قناة السويس ضرورة دفاعية لمكافحة الإرهاب والتهريب ومنع أي تدفق سكاني قسري من غزة، تعتبر تل أبيب أن هذا التوسع خرقٌ صريح للملحق الأمني لمعاهدة كامب ديفيد. وفي الخلفية تفرض حرب البحر الأحمر وتداعياتها على الملاحة ضغوطا إضافية، فيما تُعيد مناورات “النجم الساطع 2025” التي ترعاها واشنطن والقاهرة، إبراز شبكة التحالفات العسكرية والسياسية في المنطقة.
خرائط الانتشار المصري
تقرير أميركي كشف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طالب واشنطن بالضغط على القاهرة بزعم ارتكابها “انتهاكات جوهرية” لترتيبات كامب ديفيد، مقدماً قائمة بالأنشطة المصرية في سيناء. ورغم ذلك، أكدت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر أن الانتشار العسكري يتم في إطار التنسيق المسبق مع أطراف السلام وبهدف تأمين الحدود.
تشير المعطيات الميدانية إلى أن الجيش المصري رفع مستوى جاهزيته منذ مطلع 2024، عبر نشر تشكيلات مدرعة وبناء أسوار ومنطقة عازلة واسعة قرب رفح، وهو ما أكدته تقارير وصور أقمار اصطناعية.
الموقف الإسرائيلي
إسرائيل تنظر بقلق بالغ إلى هذا التوسع العسكري، وتراه تهديداً للأوضاع التي أرستها معاهدة السلام. تصريحات لمسؤولين إسرائيليين بارزين وصفت التحركات المصرية بأنها “نقطة توتر جديدة”، فيما اعتبر السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة، ديفيد جوفرين، أن مصر تعمل منذ سنوات على “تآكل تدريجي” للملحق الأمني.
وتحذيرات جوفرين وصلت إلى حد القول إن التطورات الأخيرة قد تمنح مصر فرصة لتغيير ميزان القوى في سيناء بشكل دائم، بما يضع إسرائيل أمام واقع جديد يصعب التراجع عنه.
توتر دبلوماسي متصاعد
الخلاف العسكري ترافق مع توتر دبلوماسي علني، إذ رفضت القاهرة تصريحات نتنياهو عن “إسرائيل الكبرى” ومحاولات التلميح لتهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح، واعتبرت ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. كما أن غياب تبادل السفراء بين البلدين منذ أشهر عكس بدوره بروداً في العلاقات الثنائية.
مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية
تؤكد مصر أن أي بقاء للقوات الإسرائيلية على حدود غزة مرفوض تماماً، وأن الترتيبات الأمنية يجب أن تعود لما كانت عليه قبل الحرب. وفي المقابل، تخشى إسرائيل أن يتحول الانتشار المصري إلى واقع استراتيجي دائم يغير موازين القوة ويقوض إنجازات اتفاقية كامب ديفيد.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا الوضع قد يفتح الباب لمواجهة دبلوماسية وربما عسكرية، خصوصاً إذا استمر تآكل الملحق الأمني دون تدخل أميركي أو دولي حاسم.
تعاون مصري–صيني
في موازاة التوتر مع إسرائيل، صعّدت القاهرة تعاونها العسكري مع بكين، عبر تعزيز دفاعها الجوي في سيناء بأنظمة صينية متطورة، وإجراء مناورات مشتركة أبرزها “نسور الحضارة 2025″، التي اعتُبرت تحولاً استراتيجياً في موقع مصر العسكري. هذا التعاون أثار قلقاً إضافياً في تل أبيب، التي ترى فيه إعادة تشكيل لشبكة التحالفات الإقليمية قد تُضعف من تأثيرها.