سوريا تطلق تجربة الجيل الخامس وتعلن حزمة إصلاحات رقمية تستهدف المواطنين وذوي الدخل المحدود

أعلن وزير الاتصالات والتقانة السوري، عبد السلام هيكل، عن إطلاق تجربة الجيل الخامس (5G) في العاصمة دمشق، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل بداية مرحلة جديدة تعكس ملامح “سوريا الرقمية”، وتترجم التزام الوزارة بتسريع الإنجاز وتقديم خدمات تتناسب مع تطلعات المواطنين، والمساهمة في دعم مسيرة إعادة الإعمار والنهضة الوطنية.
وفي تصريح رسمي، عبّر الوزير عن تقديره لشركتي “إم تي إن” و”سيريتل” على الجهود التي بذلتاها خلال الفترة الماضية، مشيدًا كذلك بتعاون الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في إنجاح هذه المبادرة.
دعم ذوي الدخل المحدود بباقات اقتصادية
ضمن إطار تحسين الخدمات وتخفيف الأعباء المعيشية، أعلنت شركتا الاتصالات “سيريتل” و”إم تي إن” عن إطلاق عروض مخفضة وباقات اقتصادية مخصصة لذوي الاستهلاك المحدود، في خطوة تهدف إلى تلبية احتياجات مختلف الشرائح المجتمعية، لاسيما أصحاب الدخل المنخفض.
وقال طارق زعبوب، مدير وحدة التسويق في “سيريتل”، إن الشركة خصصت الرمز (#999*) لتفعيل باقة “ميكس بلس” عبر تطبيق “أقرب إليك”، مشيرًا إلى التنسيق مع وزارة الاتصالات لإطلاق عروض موجهة للموظفين الحكوميين، والقوات المسلحة، وعناصر قوى الأمن الداخلي، والطلاب. وتشمل هذه الباقات خدمات الاتصالات والإنترنت والرسائل، إضافة إلى حزم ليلية بأسعار مخفضة متاحة من الساعة 1 صباحًا حتى 9 صباحًا.
“أوغاريت 2”: رؤية وطنية للتحول الرقمي
في مقابلة مع “الجزيرة نت”، كشف المدير التنفيذي للشركة السورية للاتصالات، غسان عكاشة، عن مشروع “أوغاريت 2” الذي يُعد أحد أعمدة الرؤية الاستراتيجية للدولة في مجال التحول الرقمي، ويهدف إلى تطوير البنية التحتية الرقمية واستيعاب الطلب المتزايد على خدمات البيانات.
وأوضح عكاشة أن المشروع يشمل تحديث شبكات النقل الرقمي وشبكات تبادل المعطيات داخليًا وخارجيًا، بما يسهم في رفع سعة البيانات إلى مستويات متعددة التيرابت، ويعزز التوجه الحكومي نحو أتمتة الخدمات وإعادة تأهيل المناطق المتضررة.
تعزيز الربط الدولي وتوسيع البنية البحرية
ويتضمن مشروع “أوغاريت 2” كذلك تعزيز الربط البحري الدولي مع قبرص، ليصل إلى 6.5 تيرابت في الثانية، بالإضافة إلى مدّ كابل بحري جديد بديل للكابل الحالي الذي أوشك على نهاية عمره التقني، ما من شأنه دعم استقرار وجودة الخدمات الرقمية في البلاد.
وأكد عكاشة أن المشروع سيترك أثرًا إيجابيًا مباشرًا على الاقتصاد الوطني والخدمات الرقمية، لافتًا إلى ضرورة تحديث البنية التحتية المتهالكة وتوسيع شبكات الاتصال لتلبية الطلب المتزايد.
الأمن السيبراني في صلب التوسعة الرقمية
وأشار عكاشة إلى أن توسعة الشبكات الرقمية سترافقها تحديثات أمنية شاملة، لحماية الشبكة من التهديدات السيبرانية، مشددًا على أن مشروع الربط الدولي سيخضع لإجراءات أمان صارمة بما ينسجم مع السياسات الحكومية، دون المساس بأمان الشبكة الداخلية.
كما كشف عن خطط لتوسيع الشبكات في المناطق الريفية والداخلية، إلى جانب مشاريع لنشر شبكات الألياف الضوئية بالشراكة مع القطاع الخاص، لتوفير إنترنت عالي السرعة للمناطق التي عانت سابقًا من ضعف في البنية الرقمية.
إعادة تأهيل الاتصالات.. خطط وتحديات
وفي هذا السياق، أوضح ضرار الياسر، مدير شركة اتصالات خاصة، أن خدمات الإنترنت في شمال سوريا، التي تعتمد على مصادر تركية وكابلات حديثة، تُعد أفضل بكثير مقارنة بالمناطق التي كانت تحت سيطرة الحكومة السورية سابقًا.
وأشار إلى وجود خطة لنقل تلك الخدمات إلى مدن كبرى مثل دمشق وحلب، مع تأكيده على أهمية الدعم الحكومي لتأهيل البنية التحتية واستقطاب استثمارات جديدة في القطاع.
عروض خاصة وتحسين ملحوظ في الخدمات
من جانبها، أعلنت شركة “إم تي إن” عن تخفيضات واسعة على باقات الإنترنت، وصلت نسبتها إلى 200% في بعض الحالات، بالإضافة إلى عروض تبدأ خصوماتها من 30% وتستهدف أصحاب الاستهلاك المحدود، عبر الرمز (*2025#).
وشملت العروض أيضًا باقات ليلية مجانية بأسعار مناسبة لمختلف الشرائح، مع إرسال رسائل نصية للمشتركين للتعريف بالعروض وتحديثها يوميًا.
وأكد المكتب الإعلامي للشركة أنها بصدد إطلاق باقات خاصة للعاملين في القطاع العام، والقوات النظامية، والطلاب، في إطار توسيع دائرة الخدمات المخفضة.
دعم الإعلاميين وخدمات جديدة
وفي سياق متصل، أشار محمد أتاسي، موظف في شركة “إم تي إن”، إلى تحسن ملحوظ في جودة خدمات الإنترنت والمكالمات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، كاشفًا عن إطلاق عروض خاصة للصحفيين تشمل إنترنت سريع بأسعار مناسبة لدعم عملهم الإعلامي.
وأضاف أن الوزارة تُعد لمشاريع كبيرة عقب إلغاء شركة “سيريا فون” ودمجها ضمن شبكة “إم تي إن”، مع البدء في توزيع شرائح مجانية للمستخدمين في المناطق التي كانت خارج سيطرة الحكومة.
واقع الإنترنت السابق.. بين العقوبات والغياب
تجدر الإشارة إلى أن خدمات الإنترنت في المناطق الخاضعة سابقًا للحكومة السورية كانت تُعد من بين الأسوأ عالميًا، نتيجة ضعف الاستثمارات، وتراجع التحديث التقني، فضلًا عن العقوبات الدولية التي حالت دون الوصول إلى تقنيات اتصال حديثة.