سقوط “إنتل بروكر”: من أخطر هاكر في السوق السوداء إلى قبضة العدالة

مع تزايد الاعتماد العالمي على البيانات الرقمية، برز اسم “إنتل بروكر” (IntelBroker) كأحد أبرز وأخطر الوجوه في عالم الهجمات السيبرانية خلال الأعوام الأخيرة.
فمنذ عام 2023 وحتى 2025، قدّم هذا الاسم المستعار نموذجاً متقدماً للهجمات الإلكترونية القائمة على تسريب البيانات واستغلال الثغرات الأمنية، ما أثار قلقاً واسعاً حول أمن المعلومات.
وكشفت التحقيقات الأميركية لاحقاً عن الهوية الحقيقية لـ”إنتل بروكر”، حيث تبين أنه المواطن البريطاني كاي ويست (Kai West)، المتهم بتنفيذ عمليات استهدفت شركات كبرى ووكالات حكومية، مخلفاً خسائر مالية تجاوزت 25 مليون دولار.
من الظل إلى الواجهة
لم يكن “إنتل بروكر” هاكراً تقليدياً فحسب، بل لعب دور “وسيط معلومات” يتاجر بالبيانات الحساسة على نطاق واسع. وقد بدأ نشاطه عام 2021 باستهداف منظمات صغيرة، قبل أن يحقق شهرة واسعة عام 2023 بعد اختراقه خدمة Weee!.
ظهر للمرة الأولى عبر منتدى BreachForums في أواخر 2022، حيث بنى سمعته من خلال بيع وتسريب البيانات الحساسة، وتولى إدارة المنتدى بين 2024 و2025. نشر ما لا يقل عن 158 موضوعاً لبيع البيانات، وقدم أكثر من 2100 تعليق، ما جعله عنصراً محورياً في هذا المجتمع.
كما انضم في 2023 إلى مجموعة القرصنة CyberNiggers وقاد عدة هجمات سيبرانية. إلى جانب ذلك، استغل منصة GitHub لنشر شيفرات خبيثة مثل برمجية الفدية Endurance، واستهدف مستودعات لشركات كبرى بينها Cisco، إضافة إلى استخدامه منصة X للإعلان عن اختراقات مثل أدوات داخلية لشركة Apple.
تكتيكات متطورة
اعتمد “إنتل بروكر” على استغلال الثغرات الأمنية العامة، وبرامج سرقة المعلومات، مع حرصه على الحفاظ على وصول طويل الأمد داخل الشبكات المخترقة. ركز على تحويل البيانات إلى أموال عبر البيع أو الابتزاز، واشترط الدفع بالعملة المشفرة مونيرو (Monero).
كما تميز باستخدامه أدوات متقدمة لإخفاء الهوية، وعناوين بريد إلكتروني متعددة للتسجيل في خدمات مختلفة، ما صعّب مهمة تعقبه.
أبرز عملياته
أظهر “إنتل بروكر” جرأة غير مسبوقة باستهداف كيانات حساسة تشمل الوكالات الحكومية الأميركية، المتعاقدين الدفاعيين، شركات التكنولوجيا العملاقة، والمؤسسات الصحية. ومن أبرز عملياته:
- اختراق خدمة Weee! وتسريب بيانات أكثر من 11 مليون عميل.
- اختراق DC Health Link والكشف عن بيانات أعضاء في الكونغرس الأميركي.
- سرقة بيانات من جنرال إلكتريك (GE) ووكالة DARPA الدفاعية.
- الوصول إلى سجلات سرية من وكالة يوروبول (Europol) الأوروبية.
- اختراق شركة Acuity المرتبطة بالحكومة الأميركية والحصول على معلومات استخباراتية تخص تحالف Five Eyes.
- بيع بيانات 3 ملايين عميل لموقع التجارة الإلكترونية الصيني Pandabuy.
- الحصول على بيانات حساسة من شركات كبرى مثل AMD، Cisco، HP Enterprise، Verizon، Accor، Facebook، وApple.
السقوط
بعد سلسلة هجمات أثارت الذعر في الأوساط الدولية، نجحت جهود التعاون الأمني العالمي في تعقب “إنتل بروكر”. فقد تم القبض عليه في فرنسا عام 2025، وهو بانتظار تسليمه إلى الولايات المتحدة لمواجهة اتهامات قد تعرضه لعقوبات تصل إلى 25 عاماً.
وكان سقوطه نتيجة خطأ قاتل ارتكبه عام 2023، حين قبل صفقة بعملة بيتكوين بدلاً من “مونيرو”، ما أتاح للمحققين تتبع المعاملة وربطها بهويته الحقيقية.
خلاصة
لم يكن “إنتل بروكر” مجرد هاكر عادي، بل تحول إلى رمز للخطر المستتر في عصر البيانات الرقمية. جمع بين الجرأة التقنية، والقدرة على استهداف أكثر الأنظمة حساسية، والمهارة في تسويق البيانات المسروقة، ليصبح أحد أخطر لاعبي السوق السوداء الإلكترونية قبل أن تضع العدالة حداً لنشاطه.







