الصحة

دواء “لمبوركسانت” المساعد على النوم قد يحدّ من تلف الدماغ المرتبط بألزهايمر

كشفت دراسة أميركية حديثة أن دواء لمبوركسانت (Lemborexant)، المعتمد لعلاج اضطرابات النوم، قد يمتلك خصائص وقائية ضد التلف الدماغي المرتبط بأمراض التنكس العصبي، مثل مرض ألزهايمر.

وأظهرت الدراسة أن الدواء يحدّ من التراكم الضار لشكل غير طبيعي من بروتين تاو في الدماغ، وهو أحد العوامل الأساسية في تطوّر مرض ألزهايمر، إذ يُعرف بأن تاو يسبب التهابًا عصبيًا يؤثر سلبًا على الخلايا العصبية.

آلية عمل الدواء

لمبوركسانت هو أحد ثلاثة أدوية معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) كمساعدات على النوم، ويعمل عبر تثبيط مستقبلات الأوركسين (النوعين 1 و2)، وهي بروتينات مسؤولة عن تنظيم النوم والاستيقاظ والشهية، عبر التحكم في نشاط الخلايا العصبية.

تفاصيل الدراسة

أُجريت الدراسة من قِبل باحثين في جامعة واشنطن في سانت لويس بالتعاون مع شركة الأدوية اليابانية إيساي (Eisai)، ونُشرت في مجلة Nature Neuroscience بتاريخ 27 مايو/أيار الماضي، كما تناولتها منصة “يوريك أليرت” العلمية.

وقال الدكتور ديفيد م. هولتزمان، أستاذ طب الأعصاب والمشارك في إعداد الدراسة:

“من المعروف منذ فترة طويلة أن قلة النوم تمثل عامل خطر للإصابة بألزهايمر، وقد أظهرت نتائجنا أن لمبوركسانت لا يُحسّن جودة النوم فحسب، بل يُقلّل أيضًا من مستويات بروتين تاو غير الطبيعي المرتبط بتلف الدماغ.”

وأضاف هولتزمان أن النتائج تشجع على إجراء مزيد من الأبحاث حول فعالية هذا الدواء كمساعد على النوم وكمُعالج محتمل لحالات ألزهايمر، سواء بشكل مستقل أو إلى جانب علاجات أخرى.

النوم وألزهايمر: علاقة وثيقة

كان فريق هولتزمان من أوائل الباحثين الذين ربطوا بين قلة النوم وتراكم بروتينات الأميلويد والتاو، وهما علامتان مميزتان لمرض ألزهايمر. وأثبتت الدراسات السابقة أن الحرمان من النوم يزيد من تسارع تراكم هذه البروتينات، وبالتالي من خطر الإصابة بالمرض.

ورغم أن العلاجات الحالية مثل الأجسام المضادة ضد الأميلويد تُستخدم في المراحل المبكرة من ألزهايمر، فإنها لا تُبطئ تقدّم المرض بالوتيرة المطلوبة. ويرى الباحثون أن استهداف بروتين تاو والتقليل من الالتهاب العصبي المصاحب له قد يكون أكثر فاعلية.

نتائج مشجعة على الفئران

في التجارب المخبرية، أظهر دواء لمبوركسانت تأثيرات وقائية على الفئران المعدلة وراثيًا لتطوير تراكم بروتين تاو. وقد ساعد الدواء في تقليل تلف الدماغ، وزاد حجم منطقة الحُصين (المسؤولة عن تكوين الذاكرة) بنسبة تراوحت بين 30% و40% مقارنة بالفئران التي لم تتلقّ العلاج.

وعند مقارنة لمبوركسانت مع دواء نوم آخر شائع الاستخدام وهو زولبيديم (Zolpidem)، تبين أن الأخير لم يُظهر نفس الفوائد في الحد من تراكم تاو، رغم مساهمته في تحسين النوم، مما يشير إلى أن التأثيرات الوقائية ناتجة تحديدًا عن آلية حجب مستقبلات الأوركسين.

ملاحظات حول الفروق بين الجنسين

من المثير للاهتمام أن التأثيرات الوقائية للعقار ظهرت بشكل بارز في ذكور الفئران فقط. ويرجّح الباحثون أن السبب يعود إلى أن إناث الفئران أظهرت درجات أقل من التلف العصبي، مما قد يكون قلل من وضوح تأثير الدواء الوقائي لديهن.

التفسير العلمي

في الحالات الطبيعية، يؤدي بروتين تاو دورًا مهمًا في دعم هيكل ووظائف الخلايا العصبية. لكن عندما يتعرض لمستويات مفرطة من الإشارات الكيميائية (مثل الفوسفات)، يفقد قدرته الوظيفية ويتكتل مسببًا التهابات وموت الخلايا.

ويمنع لمبوركسانت هذه التعديلات الكيميائية الزائدة عبر تعطيل إشارات الأوركسين، مما يساعد على إبقاء بروتين تاو في حالته السليمة.

خلاصة

توفر هذه الدراسة أدلة أولية على أن تحسين النوم عبر آلية محددة –حجب مستقبلات الأوركسين– قد يكون استراتيجية واعدة للوقاية من التدهور العصبي في أمراض مثل ألزهايمر. ويأمل الباحثون أن تمهّد هذه النتائج الطريق نحو علاجات جديدة تجمع بين تحسين النوم والتصدي للعوامل البيولوجية المرتبطة بالمرض.

زر الذهاب إلى الأعلى