الصحة

دهون الكبد.. القاتل الصامت الذي يتطور بصمت إلى أمراض خطيرة

يعمل الكبد في هدوء تام، لكنه يقوم بوظائف أساسية لا غنى عنها، أبرزها تنقية الدم من السموم، واستقلاب الدهون، وتصنيع البروتينات الدهنية، إلى جانب إنتاج العصارة الصفراوية الضرورية لعملية الهضم. غير أن تراكم الدهون عليه قد يحوّله من حارس للجسم إلى مصدر خطر قد يقود إلى أمراض مهدِّدة للحياة دون أعراض واضحة.

وظائف لا غنى عنها

يوضح استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد الدكتور يوسف العجلوني أن الكبد من أهم الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، إذ يفرز العصارة الصفراوية المكونة من أملاح وكوليسترول وبيليروبين وماء، ما يساعد الأمعاء الدقيقة على تحليل الدهون والكوليسترول والفيتامينات الذائبة في الدهون.

كما يلعب الكبد دورًا أساسيًا في تخثر الدم عبر المساعدة في امتصاص فيتامين “ك”، ويتحكم في استقلاب الدهون والكربوهيدرات، حيث يخزن الغلايكوجين ويحوّله إلى غلوكوز للحفاظ على توازن مستويات السكر. إضافة إلى ذلك، يخزن الكبد فيتامينات (A, D, E, K, B12) ومعادن مثل الحديد والنحاس، ويُنتج بروتينات مهمة منها الألبومين، وهرمون “الأنجيوتنسينوجين” المرتبط بضغط الدم.

متى يصبح تراكم الدهون خطيرًا؟

بحسب العجلوني، وجود نسبة محدودة من الدهون في الكبد أمر طبيعي، لكن تجاوزها 5–10% من وزنه قد يشير إلى الإصابة بمرض كبدي دهني. وينقسم هذا المرض إلى نوعين:

  • الكبد الدهني غير الكحولي: ويشمل حالتين؛ الأولى تراكم بسيط للدهون دون التهابات، والثانية “التهاب الكبد الدهني غير الكحولي” حيث يحدث تلف للخلايا قد يتطور إلى تليف.
  • الكبد الدهني الكحولي: وينتج عن الإفراط في شرب الكحول، وقد يقود إلى تليف وتشمع الكبد.

وتتراوح خطورة المرض بين المراحل البسيطة والمتقدمة، وصولًا إلى الفشل الكبدي إذا لم تتم معالجته.

الفئات الأكثر عرضة

تزداد احتمالية الإصابة عند مرضى السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، وكذلك من يعانون من متلازمة التمثيل الغذائي، أو لديهم تاريخ عائلي مع المرض. كما ترتفع الخطورة عند النساء بعد انقطاع الطمث، ولدى من يتناولون بعض الأدوية مثل الستيرويدات أو أدوية العلاج الكيميائي. وفي حالات نادرة، قد يظهر المرض خلال الحمل فيما يعرف بـ”تشحُّم الكبد الحملي”.

تشخيص صامت

يقول استشاري الأمراض الباطنية وأخصائي الكبد الدكتور باسل الخالدي إن مرض الكبد الدهني غالبًا ما يُكتشف بالصدفة عبر ارتفاع إنزيمات الكبد في فحوص الدم. وتُستخدم الألتراساوند كأداة أولية للتشخيص، بينما قد يُلجأ إلى التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية لمزيد من الدقة، وفي الحالات المتقدمة تُجرى خزعة كبدية لتحديد مستوى التليف.

مضاعفات قد تصل لسرطان الكبد

يحذر الخالدي من أن إهمال العلاج يحوّل تراكم الدهون البسيط إلى التهاب كبدي دهني، ثم إلى تليف، وصولًا إلى تشمع الكبد الذي يزيد خطر الإصابة بسرطان الكبد وفشل الأعضاء، وقد يتطلب الأمر زراعة كبد.

العلاج والوقاية

حتى الآن لا يوجد دواء معتمد مخصص لعلاج دهون الكبد، بل يعتمد العلاج على تغيير نمط الحياة، وتشمل أهم الخطوات:

  • فقدان الوزن تدريجيًا (7–10% من الوزن يحسّن وظائف الكبد).
  • السيطرة على الأمراض المزمنة المصاحبة مثل السكري وضغط الدم والكوليسترول.
  • الامتناع التام عن الكحول.
  • اتباع نظام البحر الأبيض المتوسط الغني بالخضروات وزيت الزيتون والأسماك والمكسرات.
  • ممارسة الرياضة المنتظمة مثل المشي السريع أو تمارين المقاومة والكارديو.
  • الفحوص الدورية لوظائف الكبد وعدم تناول أدوية أو مكملات دون استشارة طبية.
  • الحفاظ على نوم جيد وتجنب التوتر.
زر الذهاب إلى الأعلى