الصحة

دراسة حديثة تحذر: لاعبو كمال الأجسام أكثر عرضة للوفاة القلبية المفاجئة

كشفت دراسة طبية حديثة عن خطر متزايد يواجه لاعبي كمال الأجسام، خاصة المحترفين، يتمثل في ارتفاع معدلات الوفاة القلبية المفاجئة مقارنة بعامة السكان. وقاد فريق البحث الدكتور ماركو فيشياتو، المتخصص في الطب الرياضي بجامعة بادوفا الإيطالية، ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة European Heart Journal.

وتم تحليل بيانات أكثر من 20 ألف رياضي شاركوا في مسابقات رسمية لكمال الأجسام بين عامي 2005 و2020، وخلصت النتائج إلى أن 121 منهم توفوا، بمتوسط عمر بلغ 45 عامًا فقط.

ووفقاً للبيانات، فإن الرياضيين الذين حافظوا على مستويات عالية من الكتلة العضلية كانوا أكثر عرضة للوفاة القلبية المفاجئة بمرتين مقارنة بعامة الناس، بينما ارتفع الخطر إلى خمسة أضعاف لدى المشاركين المحترفين في البطولات الكبرى مثل “مستر أولمبيا”.

وفاة مفاجئة رغم البنية الجسدية المثالية

ما يزيد من القلق أن نحو 40% من تلك الوفيات كانت مفاجئة ومرتبطة بأمراض القلب، رغم أن مظهر اللاعبين يوحي بصحة فائقة. لكن الدراسة نبهت إلى أن المظهر الخارجي لا يُعد مؤشراً دقيقاً على الصحة الداخلية، إذ قد تخفي الأجساد العضلية مشكلات قلبية كامنة.

وأشار الدكتور فيشياتو إلى أن تقارير التشريح كشفت عن عوامل متعددة تساهم في هذه الوفيات، أبرزها التدريب المكثف، والتجفيف الشديد للجسم، والقيود الغذائية القاسية، إلى جانب الاستخدام الشائع للمنشطات.

المنشطات تحت المجهر

المنشطات، وتحديداً “المنشطات الابتنائية الأندروجينية”، كانت عنصراً محورياً في الدراسة، حيث تُستخدم لتعزيز نمو العضلات عبر محاكاة هرمون التستوستيرون. وتُعطى عادة عبر الحقن العضلي أو الأقراص، لكنها تسبّب مضاعفات خطيرة منها: ارتفاع ضغط الدم، اضطراب نبضات القلب، حب الشباب الحاد، تلف الكبد، العقم، واضطرابات المزاج والسلوك.

وأظهرت دراسات سابقة أن نحو 75% من لاعبي كمال الأجسام يستخدمون منشطات، رغم إدراكهم لمخاطرها الصحية، كما حدث مع الشاب البريطاني زاك ويلكنسون (32 عاماً)، الذي دخل في غيبوبة بعد معاناة من نوبات صرع وتقيؤ بسبب تعاطيه المنشطات، وأكد الأطباء أنه سيعاني من مضاعفات دائمة.

مشاكل تتجاوز الصحة الجسدية

من النتائج اللافتة للدراسة أن نسبة ملحوظة من الوفيات صنفت على أنها “وفيات صادمة غير طبيعية”، مثل الانتحار، أو الجرعات الزائدة، أو الحوادث العنيفة، ما يشير إلى وجود مشكلات نفسية متفاقمة داخل مجتمع كمال الأجسام.

وأكد الدكتور فيشياتو أن الضغوط النفسية، والتوقعات المجتمعية بشأن الشكل المثالي للجسد، إلى جانب تعاطي العقاقير، كلها عوامل قد تؤدي إلى سلوكيات مدمرة للذات. ودعا إلى تعزيز الدعم النفسي، وإطلاق حملات توعوية في الأوساط الرياضية لمواجهة هذه التحديات.

كما طالب بتشديد الرقابة على المنشطات، وفرض اختبارات أكثر صرامة في المسابقات، وتثقيف اللاعبين بشأن المخاطر الخفية وراء “الصورة المثالية”.

كمال الأجسام.. رياضة نافعة بشروط

رغم هذه التحذيرات، شدد الباحثون على أن كمال الأجسام في حد ذاته ليس خطيراً، بل إن النشاط البدني المنتظم وتمارين القوة تساهم في تحسين جودة الحياة وتقليل خطر الوفاة. لكن الخطر يكمن في التطرف، وتحديداً عندما يتحول السعي إلى الكمال الجسدي إلى هوس، يترافق مع ممارسات ضارة وإفراط في تعاطي مواد كيميائية.

الخطوة التالية: دراسة على اللاعبات

وفي ختام الدراسة، أعلن الفريق البحثي عن خطط لإجراء دراسة مماثلة على لاعبات كمال الأجسام، للتأكد من وجود نفس مستويات الخطر القلبي بين النساء، خصوصاً في ظل تزايد الإقبال النسائي على هذه الرياضة.

معلومة إضافية: ما هي المنشطات الرياضية؟

المنشطات الرياضية تشمل مواد هرمونية تُنتج طبيعياً في الجسم مثل التستوستيرون، ويجري تعاطيها بجرعات خارجية كبيرة بهدف تعزيز بناء العضلات. وأبرزها:

  • التستوستيرون: يُحفز نمو العضلات والصفات الذكورية، ولكن تعاطيه خارجيًا يزيد من خطر أمراض القلب والكبد، ويسبب العقم واضطرابات نفسية.
  • الأندروستينيدون: يتحول إلى التستوستيرون أو الإستروجين في الجسم، ويسبب مشاكل في الخصوبة وتضخم الثدي لدى الذكور.
  • هرمون النمو البشري (GH): يُستخدم لزيادة الكتلة العضلية، لكنه يسبب آلام المفاصل، السكري، وارتفاع ضغط الدم.

كما يستخدم البعض مدرات البول لإخفاء آثار المنشطات، مما يؤدي إلى اختلالات خطيرة في توازن السوائل والأملاح في الجسم.

خلاصة:
تشير الدراسة إلى ضرورة تغيير ثقافة كمال الأجسام من الداخل، وتبني مقاربات صحية وآمنة بعيداً عن الوسائل الخطرة. فالسعي نحو الكمال لا يجب أن يأتي على حساب القلب والحياة.

هل ترغب في نسخة مختصرة أو بصيغة إنفوجرافيك للمشاركة على مواقع التواصل؟

زر الذهاب إلى الأعلى