دراسة تكشف سبب فشل قلوب المتبرعين بعد التبريد وتقدّم علاجًا باستخدام أدوية ضغط الدم

كشف فريق من الباحثين في الولايات المتحدة عن الآلية البيولوجية التي تؤدي إلى تضرر قلوب المتبرعين أثناء حفظها مبردة، وهي خطوة حاسمة لفهم سبب فشل بعض عمليات زراعة القلب. وبيّنت الدراسة أن هذا الضرر يمكن تقليصه بشكل كبير باستخدام أدوية شائعة لعلاج ارتفاع ضغط الدم، مما يفتح آفاقًا جديدة لتحسين نتائج عمليات الزراعة.
وأُجريت الدراسة بتعاون بين كلية الطب بجامعة ميشيغان وعيادات مايو كلينك، واشتملت على تجارب مخبرية على البشر والحيوانات. وقد نُشرت نتائج البحث في دورية Nature Cardiovascular Research بتاريخ 19 مايو/أيار الجاري، كما نقلها موقع “يوريك أليرت”.
💉 علاج واعد لتحسين قلوب المتبرعين
أوضح الباحثون أن العلاج الجديد قد يسهم في الحفاظ على صحة قلوب المتبرعين لفترة أطول أثناء التبريد، مما يوسّع المسافة الممكنة لنقلها دون تدهور حالتها. ويعتقد الفريق أن الآلية نفسها قد تنطبق على أعضاء قابلة للزراعة الأخرى مثل الكلى والكبد والرئتين.
وقال الدكتور بول تانغ، الجراح المختص بزراعة القلب وأحد القائمين على الدراسة:
“عند تخزين قلب المتبرع في بيئة باردة، تحدث تغيرات دقيقة على المستوى الخلوي لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تؤدي إلى تلف كبير في أنسجة القلب”.
🔬 الآلية الضارة أثناء الحفظ
عادةً ما يتم حفظ القلب في محلول تبريد مخصص بعد استئصاله، ولكن الفريق البحثي قام بتحليل الاستجابات الجزيئية لهذا التبريد على مستوى الخلية، ولاحظوا سلوكًا ضارًا لبروتينات ترتبط بمستقبلات تُعرف باسم “القشرانيات المعدنية” (mineralocorticoid receptors)، وهي المسؤولة عن تنفيذ تأثيرات هرمونات مثل الكورتيزول والألدوستيرون.
خلال التبريد، تنشط هذه المستقبلات بشكل مستقل عن وجود الهرمونات، مما يؤدي إلى إنتاج مفرط لبروتينات القشرانيات المعدنية التي تتجمع داخل نواة الخلية فيما يُعرف بعملية “الفصل الطوري” – وهي آلية تسبب التهابات وإجهادًا تأكسديًا يُضعف القلب ويقلل من كفاءته في ضخ الدم.
وأوضح تانغ:
“قلب المتبرع لا يعلم أنه سيتم زرعه في جسد جديد، لذا يطلق استجابات خلوية ضارة بدافع التوتر والإجهاد، كان من الأفضل لو ظلت معطّلة”.
وبحسب الدراسة، فإن أكثر من ثلث الوفيات بعد زراعة القلب تُعزى إلى هذه الاستجابات البيولوجية السامة التي تنشط أثناء التخزين المبرد.
💊 دور دواء الكانرينون في وقف الضرر
للتصدي لهذا الضرر، قام الفريق بحقن محلول الحفظ البارد بعقار الكانرينون، وهو مثبط معروف للقشرانيات المعدنية يُستخدم عادةً لعلاج ارتفاع ضغط الدم وقصور القلب. وأظهرت النتائج أن الكانرينون أوقف تجمع البروتينات داخل الخلايا، وقلل بشكل ملحوظ من موت الخلايا القلبية، كما حسّن وظيفة القلب بعد أربع ساعات من التخزين – وهي مدة تُعتبر معيارًا مقبولًا في عمليات زراعة القلب.
ويُعتقد أن هذه الآلية الضارة لا تقتصر على القلب فحسب، بل تظهر أيضًا في أعضاء أخرى مثل الكبد والكلى والرئتين، مما يزيد من أهمية هذا الاكتشاف في تحسين عمليات زراعة الأعضاء عمومًا.
🧪 نحو تحسين حفظ الأعضاء عالميًا
قال الدكتور يوجين تشين، أستاذ طب القلب والأوعية الدموية في جامعة ميشيغان وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة:
“من الضروري أن نكون قادرين على تقييم صحة ومرونة الأعضاء أثناء الحفظ والنقل. هذا الاكتشاف يمنحنا أداة جديدة لحماية الأعضاء من التدهور قبل الزراعة”.
ويأمل الباحثون في تطوير تقنيات بيولوجية سريعة استنادًا إلى هذه النتائج، ما قد يُحدث نقلة نوعية في تحسين جودة الأعضاء المزروعة وزيادة معدلات نجاح العمليات الجراحية في المستقبل.