دراسة أميركية تمهّد لثورة دوائية: مسكنات ألم جديدة دون إضعاف الالتهاب المفيد للجسم

أفادت دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين الأميركيين بأن المسكنات البديلة لمسكنات الألم الشائعة قد تتمكن مستقبلاً من تخفيف الألم دون تعطيل عملية الالتهاب، التي تُعدُّ في بعض الحالات جزءاً مهماً من آليات الشفاء الطبيعي في الجسم.
وتشير النتائج إلى إمكانية إعادة صياغة مفهوم تصنيع مسكنات الألم وآليات عملها مستقبلاً، بما يحافظ على فوائد الالتهاب مع التخلص من الألم المصاحب له.
تُعد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية –مثل الأسبرين والإيبوبروفين– من أكثر الأدوية استخداماً حول العالم في مكافحة الألم، إذ تعمل عبر تثبيط الإنزيمات المسؤولة عن إنتاج البروستاجلاندينات، وهي جزيئات تُسهم في تحفيز الالتهاب وتوسيع الأوعية الدموية وزيادة تدفق الدم وجذب خلايا المناعة إلى مناطق الإصابة، كما تزيد حساسية الأعصاب لإشارات الألم.
ورغم أن تقليل الالتهاب يُعد جوهر عمل هذه الأدوية، فإن الالتهاب لا يكون ضاراً دائماً، بل يلعب دوراً حيوياً في إصلاح الأنسجة وتعافي الجسم. وأثبتت الدراسة أن تثبيط الالتهاب بشكل كامل قد يؤخر عملية الشفاء ويطيل مدة الألم.
ونشرت النتائج في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز، موضحة أن الباحثين اكتشفوا بروتيناً محدداً يُسمى “مستقبل EP2” على سطح البروستاجلاندينات، وهو المسؤول عن الإحساس بالألم دون أن يكون له دور مباشر في عملية الالتهاب.
ووفق الدراسة، فإن تعطيل مستقبل EP2 لدى الفئران أدى إلى القضاء على الإحساس بالألم دون التأثير على الاستجابة الالتهابية لديهم. وعقّب بيير أنجلو جيبيتي، من مركز أبحاث الألم بجامعة نيويورك، قائلاً: “الالتهاب قد يكون مفيداً في كثير من الحالات؛ فهو يساعد على إصلاح الأنسجة واستعادة الوظيفة الطبيعية”.
ويبحث العلماء حالياً إمكانية تطوير أدوية تستهدف مستقبل EP2 لعلاج الألم الناتج عن حالات مثل التهاب المفاصل، الذي غالباً ما يتم التعامل معه بمضادات الالتهاب غير الستيرويدية التقليدية.
وتفتح هذه الدراسة الباب أمام تطوير جيل جديد من المسكنات التي قد توفر راحة فعّالة من الألم دون المساس بقدرة الجسم الطبيعية على التعافي، ما يمثل نقلة نوعية في عالم الطب والعلاج الدوائي.







