الصحة

دراسة أميركية تكشف سر انتقال الخلايا المناعية من الأمعاء إلى الغدة الثديية لدعم الرضاعة الطبيعية

اكتشف باحثون من معهد سالك في الولايات المتحدة أن الخلايا المناعية تتحرك من الأمعاء إلى الغدة الثديية – المسؤولة عن إنتاج الحليب – للمساهمة في دعم عملية الرضاعة الطبيعية.

وتساعد هذه النتائج في تفسير فوائد الرضاعة الطبيعية، كما قد تمهد الطريق لإيجاد حلول جديدة للأمهات غير القادرات على الإرضاع، إضافة إلى اتخاذ قرارات غذائية من شأنها تحسين جودة الحليب وزيادة إنتاجه.

تؤكد الدراسة أن الرضاعة الطبيعية لا تقتصر على إمداد الطفل بالغذاء، بل تعزز جهازه المناعي وتقلل من إصابة الأم بأمراض خطيرة مثل سرطان الثدي والمبيض، السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم.

وقالت الباحثة ديبشيكا رامانان، المؤلفة المشاركة في الدراسة، إن الفريق العلمي تمكن من رصد “زيادة كبيرة في الخلايا المناعية في أنسجة الثدي أثناء الحمل والرضاعة، وهي زيادة مرتبطة بوجود الميكروبات”.

ونُشرت نتائج البحث في مجلة Nature Immunology بتاريخ 29 يوليو/تموز، وأكدت أن معظم الدراسات السابقة ركزت على محتوى الحليب وصحة الرضيع، بينما قدمت هذه الدراسة منظورًا جديدًا حول دور الهجرة المناعية في تعزيز الحماية للأم والطفل.

هجرة مناعية فريدة

بدأت التجارب على أنسجة الغدد الثديية للفئران، حيث لاحظ الباحثون ارتفاع أعداد ثلاثة أنواع مختلفة من الخلايا التائية، وهي خلايا ليمفاوية تعيش عادة في الأنسجة المخاطية مثل الأمعاء والرئتين.

المفاجأة كانت أن هذه الخلايا ظهرت بكثافة في الغدة الثديية، وبصماتها البروتينية مماثلة لتلك الموجودة في الأمعاء، ما يشير إلى عملية هجرة من الأمعاء إلى الثدي استعدادًا لمواجهة البيئة الخارجية أثناء الرضاعة، بما فيها ميكروبات فم الطفل وجلده.

تأكيد بشري للنتائج

لم يقتصر البحث على الحيوانات، إذ حلل العلماء قواعد بيانات أنسجة الثدي البشري وعينات الحليب من “معهد الحليب البشري” بجامعة كاليفورنيا، ليجدوا أدلة مماثلة على وجود هذه الخلايا الليمفاوية في أنسجة البشر.

كما أظهرت مقارنة بين فئران تعيش في بيئات طبيعية وأخرى في بيئات خالية من الجراثيم أن الميكروبات تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز إنتاج الخلايا التائية داخل الغدة الثديية.

أهمية النتائج

تشير هذه الاكتشافات إلى أن الميكروبات في جسم الأم قد تؤثر في قوة الحاجز المناعي للغدة الثديية، مما يرفع مناعة كل من الأم ورضيعها. ويعد هذا التحول بمثابة انتقال للغدة من نسيج غير مخاطي إلى نسيج مخاطي، مجهز بخلايا مناعية مقيمة جاهزة للتعامل مع المخاطر.

وبهذا، تقدم الدراسة فهمًا أعمق للآليات البيولوجية التي تجعل الرضاعة الطبيعية حجر أساس في صحة الأمهات والأطفال، وتفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية وغذائية مستقبلية لتحسين هذه العملية الطبيعية.

زر الذهاب إلى الأعلى