الصحة

دراسة أميركية تكشف أسرار الطفرات الجينية المقاومة للعلاج في مرض التليف الكيسي

كشفت دراسة أميركية حديثة عن آليات جديدة خلف الطفرات الجينية المقاومة للعلاج في مرض التليف الكيسي، ما يفتح آفاقًا واعدة لتطوير علاجات مبتكرة للمرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات الحالية.

وأجرى الدراسة فريق بحثي من المركز الطبي بجامعة فاندربيلت في الولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS) خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، ونقلها موقع “يوريك أليرت” العلمي.

التليف الكيسي.. عندما يصبح التنفس تحديًا يوميًا

يُعد التليف الكيسي مرضًا وراثيًا معقدًا ناتجًا عن طفرات في الجين المسؤول عن إنتاج بروتين يُعرف باسم منظم التوصيل الغشائي للتليف الكيسي (CFTR)، وهو بروتين حيوي يشكّل قناة أيونية تنقل أيونات الكلوريد عبر الخلايا الظهارية، وخاصة تلك التي تبطن الجهاز التنفسي.

يتكون بروتين CFTR من خمسة نطاقات هيكلية: نطاقان عابران للغشاء، نطاقان لارتباط النوكليوتيدات (NBDs)، ونطاق تنظيمي. وتكمن وظيفة نطاقات النوكليوتيدات في توفير الطاقة اللازمة لفتح القناة وتنظيم تدفق الأيونات.

في الحالة الطبيعية، تساهم هذه القناة في إبقاء المخاط في الرئتين خفيفًا وسهل الطرد، إلا أن الطفرات الجينية تُضعف وظيفة هذه القناة، ما يؤدي إلى تراكم المخاط السميك واللزج في المسالك الهوائية، وهو ما يتسبب في انسدادها، ويؤدي إلى التهابات مزمنة، صعوبة في التنفس، وفي نهاية المطاف إلى الوفاة المبكرة.

اختراق علمي في فهم الاستجابة للعلاج

ورغم اعتماد أدوية حديثة حظيت بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) خلال السنوات الأخيرة، والتي حسّنت من جودة حياة بعض المرضى، فإن فئة كبيرة من المصابين ما زالت غير مستجيبة لهذه العلاجات.

سلّطت الدراسة الجديدة الضوء على الأسباب الجزيئية لهذا التفاوت في الاستجابة، حيث ركز الباحثون على تحليل الطفرات لدى المرضى الذين أظهروا استجابة انتقائية أو ضعيفة للعلاج، وكشفوا عن ثلاث فئات رئيسية من طفرات CFTR:

  1. فئة أولى: قنوات غير عاملة تمامًا.
  2. فئة ثانية: قنوات ذات طيّ خاطئ للبروتين.
  3. فئة ثالثة: قنوات لا تُفتح بشكل صحيح.

وأظهرت النمذجة الحاسوبية أن أحد “المصحّحات” الدوائية المتاحة يفشل في تحقيق استقرار كافٍ لنطاق ارتباط النوكليوتيدات الأول (NBD1) لدى المرضى الذين ينتمون للفئة الثانية، وهي الطفرات الأكثر تعقيدًا وضعفًا في الاستجابة.

آفاق علاجية جديدة

تكمن أهمية هذه الدراسة في تقديمها إطارًا دقيقًا لفهم العيوب البنيوية في بروتين CFTR التي تعيق فعالية العلاجات الحالية. وبيّنت نتائج التحليل ضرورة استهداف نقاط الضعف في النطاق NBD1 من أجل تصميم مصحّحات دوائية أكثر فاعلية.

ويُقدر أن نحو 10% من المصابين بالتليف الكيسي لا تتوفر لهم أي خيارات علاجية فعالة، وأن 3% من إجمالي المرضى يحملون طفرات مقاومة تنتمي للفئة الثانية. من هنا، فإن النتائج الجديدة تمهد الطريق نحو توسيع قاعدة العلاجات لتشمل فئات أكبر من المرضى، وتمنح الأمل في التوصل إلى أدوية قادرة على تعديل وظيفة البروتين حتى في أصعب الحالات.

التليف الكيسي في سطور:

  • السبب: طفرات في جين CFTR.
  • النتيجة: خلل في نقل أيونات الكلوريد، تراكم المخاط، التهابات تنفسية متكررة.
  • الأعراض: صعوبة شديدة في التنفس، انسداد الشعب الهوائية، ضعف النمو.
  • العلاج: أدوية مصحّحة لوظيفة CFTR، ومع ذلك تبقى فئة من المرضى خارج نطاق الاستفادة.

وتُمثل هذه الدراسة خطوة مهمة على طريق تطوير أدوية مصمّمة خصيصًا للطفرات النادرة والمستعصية، بما ينعكس إيجابًا على مستقبل علاج التليف الكيسي عالميًا.

زر الذهاب إلى الأعلى