دراسة أسترالية تكشف: السكري من النوع الثاني يغيّر بنية القلب ويزيد خطر فشله حتى دون انسداد الشرايين

كشفت دراسة حديثة أن مرض السكري من النوع الثاني يحدث تغيرات مباشرة في بنية القلب وأنظمة إنتاج الطاقة داخله، مما يفسر ارتفاع خطر الإصابة بقُصور القلب لدى مرضى السكري، حتى في غياب أي انسداد في الشرايين التاجية.
وأجريت الدراسة في جامعة سيدني الأسترالية، ونشرت نتائجها في مجلة الطب الجزيئي EMBO بتاريخ 4 أغسطس/آب الماضي، بينما تناولها موقع يوريك أليرت ضمن تقرير علمي موسّع.
تغيّرات جزيئية عميقة في عضلة القلب
أوضح الباحثان الدكتور بنجامين هانتر والدكتور شون لال من كلية العلوم الطبية بجامعة سيدني، أنهما توصلا إلى أن السكري يُحدث تحولات جزيئية مميزة في خلايا القلب وتغيّرات في بنية العضلات القلبية، خصوصاً لدى المصابين بـ”اعتلال عضلة القلب الإقفاري” وهو السبب الأكثر شيوعاً لقصور القلب.
وباستخدام تقنيات مجهرية متطورة، رصد الباحثون تراكماً ملحوظاً للأنسجة الليفية داخل عضلة القلب، ما يؤدي إلى تصلّبها وتراجع مرونتها بمرور الوقت. كما لاحظوا أن ارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم يُسهم في تصلب البروتينات القلبية، ويعيد تشكيل القلب تدريجياً بطريقة لا تُكتشف إلا بعد ظهور الأعراض السريرية.
خلل في آليات إنتاج الطاقة
أظهرت الدراسة أن مرض السكري يُغيّر الطريقة التي ينتج بها القلب طاقته، إذ يؤثر سلباً على قدرة الميتوكوندريا – مركز توليد الطاقة في الخلية – ويُضعف فاعلية استخدام الوقود الحيوي مثل الدهون والغلوكوز والكيتونات.
وأشار الدكتور هانتر إلى أن “القلب السليم يعتمد أساساً على الدهون كمصدر للطاقة، لكن في حالة مرضى السكري، تنخفض حساسية ناقلات الغلوكوز للأنسولين، مما يضعف قدرة الخلايا القلبية على امتصاص الطاقة بكفاءة”.
نتائج تدق ناقوس الخطر للأطباء
تؤكد النتائج أهمية المتابعة المبكرة لصحة القلب والأوعية الدموية لدى مرضى السكري، إذ إن المرض لا يقتصر على التأثير في سكر الدم فحسب، بل يمتد ليُحدث إعادة تشكيل خفية في القلب قد تقود إلى فشله مع مرور الوقت.
وقال الدكتور شون لال في تعليقه على الدراسة:
“يربط هذا البحث بين أمراض القلب والسكري بطريقة لم تُكتشف سابقاً لدى البشر، ويفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية جديدة يمكن أن تفيد ملايين المصابين حول العالم”.
أضرار السكري الصامتة
ويُعد مرض السكري من أكثر الأمراض المزمنة التي تتسبب في تلف الأعضاء بصمت، حيث يمكن أن يؤدي – في حال إهمال العلاج – إلى مضاعفات خطيرة مثل:
👁️ فقدان البصر
🔴 الفشل الكلوي
❤️ النوبات القلبية
🧠 السكتات الدماغية
🦵 بتر الأطراف السفلى
إعادة تشكيل القلب على المستوى الجزيئي
حلل الفريق البحثي أنسجة قلب من متبرعين أصحاء وآخرين خضعوا لزراعة قلب، واكتشف أن السكري ليس مجرد مرضٍ موازٍ لأمراض القلب، بل عامل نشط يسهم في تفاقم قصور القلب من خلال تعطيل العمليات البيولوجية الأساسية داخل الخلايا القلبية.
وأكد الدكتور هانتر أن تسلسل الحمض النووي الريبي (RNA) أظهر تغيّرات واضحة في التعبير الجيني لدى مرضى السكري، خاصة في الجينات المسؤولة عن أيض الطاقة وبنية الأنسجة، ما يدعم الملاحظات الهيكلية التي تم توثيقها بالمجهر.
نحو فهم أعمق وعلاجات مستقبلية
تفتح هذه النتائج آفاقاً جديدة أمام الأبحاث الطبية الهادفة إلى حماية القلب من آثار السكري، وتطوير علاجات تكميلية تركّز على دعم أنظمة الطاقة في الخلايا القلبية وتقليل تراكم الأنسجة الليفية.
وختم الدكتور لال قائلاً:
“إن فهم هذه العلاقة المعقدة بين السكري والقلب سيساعدنا على تصميم علاجات أكثر دقة وفعالية، ويمنح الأمل لملايين المرضى حول العالم”.