ثقافة

دار الأوبرا في دمشق تنتظر مرسوماً رسمياً لتغيير اسمها المرتبط بعائلة الأسد وتواجه ركوداً فنياً متواصلاً

كشف المايسترو ميساك باغبودريان، مدير أوبرا دمشق، أن الدار بانتظار صدور مرسوم رسمي لتغيير اسمها السابق المرتبط بعائلة الأسد، والذي كان “دار الأسد للثقافة والفنون”، في خطوة رمزية لفصل هذا المعلم الثقافي عن إرث النظام السابق الذي حكم سوريا لأكثر من خمسة عقود. وأشار إلى أن النشاطات الفنية الدورية متوقفة منذ أشهر، بانتظار إعادة هيكلة إدارية وثقافية شاملة.

وقال باغبودريان في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إن “المشكلة الرئيسية اليوم هي الاسم الرسمي للمؤسسة. نحن ننتظر مرسومًا رسميًا، ونأمل أن يتم اعتماد اسم دار أوبرا دمشق أو ببساطة أوبرا دمشق، لأنه الأنسب والأكثر تعبيرًا عن هوية هذا الصرح الفني”.

جمود فني وتعطّل إداري

وأضاف المايسترو، الذي يقود الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، أن توقف النشاطات لا يرتبط فقط بتغيير الاسم، بل يعود كذلك إلى “صعوبات لوجستية تتعلق بالبنية التحتية، وأخرى إدارية تعيق برمجة الفعاليات الفنية”، مما أدى إلى تراجع ملحوظ في النشاط الثقافي وانخفاض كبير في إقبال الجمهور.

وأشار إلى أن الموازنة المالية المخصصة للدار لم تصدر بعد، وهو ما حال دون وضع خطة نشاطات للعام الجاري. وقال: “وُعدنا بالحصول على الموازنة مطلع يونيو، وهذا ما نحتاجه فعلياً للانطلاق ببرامج حقيقية”. كما عبّر عن أمله في إنهاء القيود المفروضة على الإبداع الفني، بما في ذلك المسرح والرقص والموسيقى.

من مركز فني إلى أداة للنظام

تأسست دار الأوبرا بدمشق عام 2004 كمركز رئيسي للفنون المسرحية والموسيقية في سوريا، لكنها تحوّلت خلال السنوات الماضية إلى واجهة لعرض الفنون الرسمية المرتبطة بالنظام، قبل أن تدخل في حالة شلل شبه تام منذ أواخر عام 2024، باستثناء عروض خاصة أو مناسبات رسمية مثل أمسية شعرية “احتفالاً بالنصر” الشهر الماضي.

عقود من التقييد والقمع الثقافي

شهد القطاع الثقافي في سوريا، سواء في مستواه الرسمي أو الخاص، ركودًا عميقًا لعقود نتيجة سياسات الرقابة المشددة، والفساد الإداري، وغياب الدعم الحقيقي للفنون، في ظل هيمنة النظام الأمني في عهدي حافظ وبشار الأسد، الذين حكموا البلاد لنحو 53 عامًا.

وتعرّض المثقفون السوريون طيلة عقود لحملات ممنهجة من القمع والتهميش، شملت المنع من النشر، والإقصاء من المشهد الإعلامي، والملاحقات الأمنية، وصولًا إلى الاعتقال والنفي لمجرد التعبير عن الرأي أو طرح أفكار لا تتماشى مع توجهات النظام.

اليوم، تبدو دار أوبرا دمشق رمزًا لصراع أكبر بين إرث الاستبداد وتطلعات التغيير، وبين الحاجة إلى فضاء حر للفن والثقافة، والقيود التي ما زالت تعيق انطلاقتهما في سوريا ما بعد الأسد.

زر الذهاب إلى الأعلى