اقتصاد

خسارة مفاجئة لسوق العمل الكندي: 40 ألف وظيفة تتبخر في يوليو وتحديات اقتصادية متصاعدة

في تطور غير متوقع شكّل صدمة للاقتصاد الكندي، سجّل سوق العمل في يوليو/تموز الماضي خسارة قدرها 40 ألف وظيفة، على عكس توقعات الخبراء الذين رجّحوا إضافة 15 ألف وظيفة جديدة. هذا التراجع الحاد ألقى بظلال ثقيلة على مسار التعافي الاقتصادي في كندا، التي تواجه أصعب اختباراتها منذ عقود.

ووفق هيئة الإحصاء الكندية، جاءت الخسائر بشكل أساسي على حساب الشباب والقطاع الخاص، بعد أن كان السوق قد أضاف 83 ألف وظيفة بشكل مفاجئ في يونيو/حزيران. ورغم ذلك، ظل معدل البطالة مستقرًا عند 6.9%، ما يترك بصيص أمل في استقرار نسبي بسوق العمل.

تقرير ضعيف وبداية هشّة للربع الثالث

وصف دوغ بورتر، كبير الاقتصاديين في بنك مونتريال، تقرير يوليو بأنه “الأضعف منذ 3 سنوات”، مشيرًا إلى تراجع إجمالي ساعات العمل بنسبة 0.2%، وهو ما اعتبره بداية ضعيفة للاقتصاد الكندي في الربع الثالث من 2025.

القطاعات الأكثر تضررًا كانت الثقافة والترفيه بخسارة 29 ألف وظيفة، تلاها البناء بـ22 ألف وظيفة، والرعاية الصحية والاجتماعية بـ17 ألف وظيفة، والزراعة بـ11 ألف وظيفة. في المقابل، شهد قطاع النقل والتخزين زيادة بـ26 ألف وظيفة، وهي الأولى منذ يناير/كانون الثاني.

طفرة صيفية مؤقتة

يرى المستشار المالي مدين سلمان أن المفاجأة الحقيقية كانت في أرقام يونيو، التي اعتبرها طفرة مؤقتة مرتبطة بتوظيف الطلاب خلال العطلة الصيفية، مشددًا على أن عودة الأرقام للانخفاض في يوليو تعكس الظروف الاقتصادية القاسية والتأثير المتزايد للتعريفات الجمركية الأميركية.

وأشار سلمان إلى أن بعض المصانع نقلت نشاطها إلى الولايات المتحدة لتفادي الرسوم، بينما علّقت مصانع أخرى الإنتاج بانتظار اتفاق مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن التعريفات.

شباب في مواجهة البطالة

تضررت فئة الشباب (15–24 عامًا) بشدة، حيث فقدت 34 ألف وظيفة، وانخفض معدل التوظيف بينهم إلى 53.6%، وهو أدنى مستوى منذ 1998 باستثناء فترة جائحة كورونا.

تبعية اقتصادية خطيرة

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي أسامة قاضي أن المشكلة الجوهرية تكمن في التبعية المفرطة للاقتصاد الأميركي، حيث تذهب 95% من الصادرات الكندية إلى الولايات المتحدة. واعتبر أن كندا دفعت ثمن إهمالها لعقود في بناء شراكات بديلة مع أوروبا وآسيا والصين.

وأوضح قاضي أن الرسوم الأميركية أثّرت سلبًا على ميزانية الدولة وسوق العمل، وأدت إلى إبطاء النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ.

خيارات السياسة الاقتصادية

أوصى الخبراء بضرورة دعم الشركات المحلية بحوافز للتوظيف، وتخفيف السياسة النقدية، وخفض أسعار الفائدة لتشجيع الاستثمار والتوسع، إلى جانب تنويع الشركاء التجاريين بعيدًا عن الولايات المتحدة.

التقارير المحلية أظهرت أن من بين 1.6 مليون عاطل عن العمل في يوليو، هناك 24% يعانون من بطالة طويلة الأمد (27 أسبوعًا أو أكثر)، وهي النسبة الأعلى منذ 1998 باستثناء فترة كورونا.

مؤشرات مقلقة

يُعدّ مؤشرا التغير في التوظيف ومعدل البطالة من أبرز المؤشرات الاقتصادية التي ترسم صورة سوق العمل الكندي وتوجّه السياسات النقدية. وبينما يثير انخفاض التوظيف قلقًا واسعًا بشأن مسار الاقتصاد، يمنح استقرار معدل البطالة بعض الأمل في قدرة السوق على استعادة توازنه.

زر الذهاب إلى الأعلى