اقتصاد

حرب ترامب الجمركية.. الرابحون والخاسرون في النظام التجاري العالمي

مع بزوغ فجر الخميس 7 أغسطس/آب الجاري، دخلت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أكثر من 90 دولة حيز التنفيذ، في خطوة يصفها مراقبون بأنها محاولة لإعادة رسم ملامح التجارة الدولية وإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي، الذي يعتبر ترامب أنه لا ينصف الولايات المتحدة.

وقد خلّفت هذه الإجراءات خسائر فادحة طالت دولاً فقيرة مثل لاوس وميانمار، وصولاً إلى شركاء تجاريين كبار للولايات المتحدة مثل كندا وسويسرا. وكتب ترامب على منصته “تروث سوشيال” أن “مليارات الدولارات تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة بفضل الرسوم الجمركية”.

وفي وقت سابق، فرض ترامب رسوماً بنسبة 50% على الهند مهدداً بتفعيلها في 27 أغسطس/آب إذا لم توقف استيراد النفط الروسي، كما لوّح بفرض 100% على رقائق الكمبيوتر المصنعة في الخارج، في محاولة لدفع شركات التكنولوجيا إلى الاستثمار داخل أميركا.

ومع تصاعد هذه الحرب الاقتصادية، يطرح السؤال: من هم الرابحون والخاسرون الحقيقيون؟ ومن الأكثر تضرراً؟

الرابحون (الأقل تضرراً)

يمكن اعتبار أن الدول التي قبلت بشروط ترامب ورضخت لمطالبه، هي الأقرب إلى خانة الرابحين، أو بالأحرى الأقل خسارة، وإن لم يكن واضحاً ما إذا كان أي منها سينجح على المدى الطويل. ومن أبرز هذه الدول:

  • المملكة المتحدة (10%)
    وافقت على رسوم نسبتها 10% على صادرات السيارات إلى الولايات المتحدة، ما يمنح شركاتها ميزة نسبية مقارنة ببعض المنافسين، إذ حُددت النسبة لما يصل إلى 100 ألف سيارة سنوياً.
  • اليابان (15%)
    وقّعت اتفاقاً يسمح بفرض رسوم 15% فقط على صادراتها، بما فيها السيارات وقطع الغيار، لتتجنب النسبة الأعلى التي لوّح بها ترامب (25%).
  • الاتحاد الأوروبي (15%)
    بعد جولات من المفاوضات والتهديدات، قَبِل الاتحاد الأوروبي برسوم 15% على صادراته، بدلاً من 30% التي كانت مطروحة.
  • كوريا الجنوبية (15%)
    توصلت إلى اتفاق مشابه، يضمن بقاء التعريفات ضمن مستوى مقبول.
  • باكستان
    وقّعت اتفاقاً لتعزيز استغلال احتياطيات النفط وخفض الرسوم الجمركية المتبادلة، في إطار تعزيز التعاون التجاري مع واشنطن.
  • الفلبين (19%)، إندونيسيا (19%)، فيتنام (20%)، تايوان (20%)
    رغم ارتفاع الرسوم المفروضة، فإن هذه الدول نجحت في التوصل إلى نسب أقل مما كانت مهددة به (وصل بعضها إلى 32%).

الخاسرون (الأكثر تضرراً)

في المقابل، فُرضت أشد الرسوم على دول فقيرة أو ذات علاقات تجارية محدودة، إضافة إلى دول كبرى لم تستجب لمطالب ترامب:

  • سوريا (41%)، لاوس وميانمار (40%)
    تصدرت قائمة الخاسرين برسوم باهظة تعمق معاناتها الاقتصادية.
  • العراق وصربيا (35%) والجزائر (30%)
    وُضعت في خانة المتضررين الكبار دون هوادة.
  • كندا (35%)
    رُفعت الرسوم من 25% إلى 35% على سلع لا يشملها اتفاق التجارة الثلاثي مع أميركا والمكسيك.
  • سويسرا (39%)
    تلقت ضربة قوية خاصة لقطاع الساعات الفاخرة والشوكولاتة، حيث تُعد السوق الأميركية الأكبر لها، وانعكس القرار بانخفاض أسهم الشركات بنسبة 8.5%.
  • البرازيل (50%)
    عوقبت بتعريفات ضخمة في ظل التوتر السياسي المرتبط بعلاقة واشنطن بالرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو.
  • الهند (25% – 50%)
    رغم كونها حليفاً لواشنطن، لم تُستثن من الرسوم المرتفعة، وارتبطت العقوبات بملف استيرادها للنفط الروسي.
  • الصين (حالة خاصة)
    تشهد علاقتها التجارية مع واشنطن أكبر حالة شد وجذب، إذ تبادل الطرفان فرض رسوم متبادلة تجاوزت 125% قبل تعليق معظمها مؤقتاً، بانتظار التوصل إلى اتفاق نهائي.

هل الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر؟

رغم ترويج ترامب لانتصاراته الاقتصادية، يرى كثير من الخبراء أن الولايات المتحدة نفسها قد تكون الخاسر الأكبر. فالرسوم الجمركية في جوهرها ضرائب يتحمل المستهلك الأميركي عبئها عبر ارتفاع الأسعار.

ويحذر خبراء مثل البروفيسور جيسون فورمان من أن هذه السياسات تشبه “إطلاق النار على القدم”، إذ تؤدي على المدى الطويل إلى تراجع مستويات المعيشة، وانخفاض القدرة التنافسية للشركات الأميركية، وزيادة الأعباء على المواطن الأميركي العادي.

وبحسب وكالة بلومبيرغ، فإن الادعاء بأن أميركا خرجت فائزة “مجرد وهم”، فالواقع أن هذه الحرب خلقت ضغوطاً اقتصادية على الداخل الأميركي بقدر ما ألحقت أضراراً بالشركاء حول العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى