الصحة

تقنية متقدمة تحدث تحولاً في تشخيص الأمراض النفسية عبر التسلسل الجينومي طويل القراءة

في خطوة واعدة نحو تطوير أساليب تشخيص الأمراض النفسية، نجح باحثون أميركيون في استخدام تقنية التسلسل الجينومي طويل القراءة (Long-Read Sequencing – LRS) للكشف عن تغيرات جينية معقدة، ما يفتح آفاقًا جديدة للطب النفسي الدقيق والشخصي.

الدراسة أجراها فريق بحثي من معهد رادي للطب الجيني لدى الأطفال في الولايات المتحدة، ونُشرت في 9 أبريل/نيسان الجاري في المجلة الأميركية للطب النفسي. وقد تناولها موقع “يوريك أليرت” المتخصص في نشر الأبحاث العلمية.

وأظهرت النتائج أن اعتماد هذه التقنية في البيئات العلاجية النفسية يمكن أن يُحدث تحولاً في طريقة التشخيص والعلاج، حيث تُمكّن الأطباء من الوصول إلى تشخيصات دقيقة لحالات نفسية معقدة، مما ينعكس إيجابًا على اتخاذ قرارات علاجية أكثر فعالية.

وأشار الباحثون إلى أن التقنية قد تسرّع من وتيرة الفحوصات الجينية للمرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية صعبة، خصوصاً أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية نفسية متخصصة.


ما هي تقنية تسلسل الجينوم؟

تسلسل الجينوم هو تحليل شامل للحمض النووي (DNA) بهدف تحديد تسلسل القواعد الجينية التي تشكل المادة الوراثية للكائن الحي. وتتيح هذه التقنية للعلماء فهم البنية الجينية للأفراد، واكتشاف الطفرات أو التغيرات التي قد تكون مرتبطة بأمراض مزمنة أو وراثية.

وتُقسم تقنيات تسلسل الجينوم إلى نوعين رئيسيين:

  • التسلسل قصير القراءة (Short-Read Sequencing): يُقرأ فيه جزء صغير من الحمض النووي في كل مرة، ثم يُعاد تجميع الأجزاء للحصول على صورة كاملة للجينوم.
  • التسلسل طويل القراءة (Long-Read Sequencing): يتيح قراءة أطوال أكبر من الحمض النووي في تمريرة واحدة، ما يساعد على اكتشاف التغيرات الجينية المعقدة، مثل التكرارات أو الحذف أو إعادة الترتيب.

تُستخدم هذه الأساليب لتحديد الطفرات الجينية وفهم تأثيرها على وظائف الجينات، ما يسهم في تشخيص الأمراض الوراثية وتطوير علاجات موجهة بناءً على التركيبة الجينية لكل مريض.


ماذا اكتشف الباحثون؟

ركزت الدراسة على تحليل الجينات الخاصة بشاب يبلغ من العمر 17 عامًا، كان يعاني من اضطراب طيف التوحد مصحوبًا باضطرابات سلوكية شديدة، من بينها الذهان، والاكتئاب، والقلق.

وباستخدام تقنية التسلسل طويل القراءة، تمكن الباحثون من اكتشاف تغير جيني معقد في جين “RFX3”، وهو جين معروف بارتباطه باضطراب طيف التوحد. وقد تم تحديد هذا التغير بدقة فائقة، تتجاوز ما يمكن أن توفره تقنيات التسلسل التقليدية.

ويُعد هذا الاكتشاف إنجازًا علميًا مهمًا، إذ يساهم في تعميق الفهم للعلاقة بين التغيرات الجينية والأعراض النفسية والسلوكية، ويمهّد الطريق نحو تقديم علاجات أكثر دقة وتخصصًا لمرضى الاضطرابات النفسية.

زر الذهاب إلى الأعلى