الصحة

تحقيق بريطاني في صلة بين أدوية إنقاص الوزن والتهاب البنكرياس بعد تسجيل حالات وفاة

أطلقت السلطات الصحية في المملكة المتحدة تحقيقًا موسعًا في الآثار الجانبية المرتبطة بأدوية إنقاص الوزن وعلاج السكري من فئة ناهضات مستقبلات GLP-1، وذلك بعد تلقي مئات البلاغات عن حالات التهاب البنكرياس، بعضها كان مميتًا.

ووفقًا لبيانات هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA)، تم رصد مئات الحالات من التهاب البنكرياس الحاد والمزمن بين مستخدمي أدوية GLP-1 منذ ترخيصها، في وقت تتزايد فيه معدلات استخدامها لأغراض إنقاص الوزن ومكافحة السكري من النوع الثاني.

تفاصيل الحالات المسجَّلة

تشير الإحصاءات الرسمية إلى ما يلي:

  • 181 حالة التهاب بنكرياس مرتبطة بـ تيرزيباتايد (المكون النشط في “مونجارو”)، بينها 5 وفيات.
  • 116 بلاغًا متعلّقًا بـ ليراجلوتايد، بينها حالة وفاة واحدة.
  • 113 إصابة مرتبطة بـ سيماجلوتايد (المكوّن في “أوزيمبيك” و”ويغوفي”)، بينها وفاة واحدة.
  • 101 حالة مرتبطة بـ إكسيناتيد، أسفرت عن 3 وفيات.
  • 52 حالة لـ دولاجلوتايد و11 حالة لـ ليكسيسيناتيد، ولم تُسجل وفيات مع أي منهما.

تجدر الإشارة إلى أن هذه البلاغات لا تُعد أدلة قاطعة على وجود علاقة سببية مباشرة، بل تُوثق حالات اشتبه فيها مقدمو البلاغات بوجود صلة بالأدوية.

مشروع بحثي لتقصي الخلفيات الجينية

في محاولة لفهم ما إذا كان التركيب الجيني لبعض المرضى يُسهم في خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس عند استخدام أدوية GLP-1، أطلقت هيئة MHRA بالتعاون مع “جينوميكس إنجلاند” مشروع “يلو كارد بايوبنك”.

سيطلب المشروع من المرضى تقديم عينات من اللعاب ومعلومات إضافية، بهدف دراسة ما إذا كان الاستعداد الجيني يلعب دورًا في التفاعل السلبي مع هذه الأدوية، مما قد يفتح الباب أمام ممارسات طبية أكثر تخصيصًا وأمانًا في المستقبل.

استخدام متزايد وتحذيرات متواصلة

تُستخدم أدوية GLP-1 على نطاق واسع لخفض مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني، كما يتم وصفها بشكل متزايد لأغراض إنقاص الوزن. وتشير التقديرات إلى أن نحو 1.5 مليون شخص في المملكة المتحدة يستخدمون هذه الحقن حاليًا.

ورغم فعاليتها، نبّهت هيئة MHRA إلى أنها ليست “حلًا سحريًا”، مشيرة إلى مجموعة من الآثار الجانبية الشائعة، مثل الغثيان والإمساك والإسهال. كما حذّرت مؤخرًا من أن “مونجارو” قد يقلل من فعالية حبوب منع الحمل الفموية لدى بعض النساء.

دعوة للإبلاغ والمساهمة في البحث

قالت الدكتورة أليسون كيف، كبيرة مسؤولي السلامة في MHRA، إن نحو ثلث التفاعلات الدوائية السلبية يمكن الوقاية منها من خلال الفحص الجيني، مشيرة إلى أن هذه التفاعلات تُكلف هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) أكثر من 2.2 مليار جنيه إسترليني سنويًا نتيجة الإقامات في المستشفيات.

وأضافت:

“من خلال المعلومات التي نجمعها من مشروع ‘بايوبنك’، يمكننا تحسين قدرتنا على تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، وتقديم علاج يتماشى مع تركيبتهم الجينية.”

وحثّت المرضى الذين دخلوا المستشفى بسبب التهاب البنكرياس أثناء تناولهم أدوية GLP-1 على الإبلاغ عن ذلك من خلال نظام “يلو كارد”، حتى إن لم تنطبق عليهم شروط المشاركة في المرحلة الحالية من الدراسة، مؤكدة أن كل حالة تُعد “معلومة ثمينة” تسهم في تعزيز سلامة المرضى.

نحو وصفات طبية أكثر دقة

من جانبه، قال البروفيسور مات براون، كبير المسؤولين العلميين في “جينوميكس إنجلاند”، إن أدوية مثل “أوزيمبيك” و”ويغوفي” تحظى بشعبية متزايدة، لكن مثل جميع الأدوية، ليست خالية من المخاطر.

وأضاف:

“نعتقد أن الأسباب الجينية تقف وراء العديد من التفاعلات السلبية. شراكتنا مع MHRA تمهد الطريق نحو منظومة رعاية صحية أكثر وقائية، وأكثر دقة في وصف العلاجات المناسبة لكل مريض.”

زر الذهاب إلى الأعلى