اقتصاد

المغرب يرسخ مكانته كوجهة استثمارية آمنة في أفريقيا رغم الاضطرابات الاقتصادية العالمية

في ظل الاضطرابات التي تشهدها الأسواق العالمية نتيجة قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أربكت تدفقات الاستثمار وأضعفت الثقة بالاقتصادات الناشئة، يبرز المغرب كاستثناء لافت في القارة الأفريقية، بعدما أصبح البلد الوحيد الحاصل على تصنيف ائتماني استثماري يؤهله لإصدار سندات اليوروبوند بدرجة استثمارية.

فقد أعلنت وكالة التصنيف الائتماني العالمية “ستاندرد آند بورز” اليوم السبت، إبقاءها على تصنيف المغرب، مما يمنحه وضعًا فريدًا يجعله وجهة نادرة للمستثمرين الباحثين عن بيئة اقتصادية مستقرة وسط عالم يتقلب تحت وطأة الحروب التجارية والرسوم الجمركية الأميركية.

المغرب في صدارة القارة الأفريقية

بهذا القرار، أصبح المغرب المصدر الوحيد في أفريقيا لسندات اليوروبوند بدرجة استثمارية، وهو إنجاز يعكس متانة وضعه المالي مقارنة بالعديد من الدول الأفريقية التي تراجعت تصنيفاتها الائتمانية نتيجة ارتفاع المديونية أو عدم الاستقرار السياسي.

ويتيح هذا التصنيف للمغرب الاقتراض بتكاليف منخفضة، مما يجعله أكثر جاذبية لصناديق الاستثمار الباحثة عن فرص آمنة في الأسواق الناشئة. كما يمنح الرباط ميزة تفاوضية قوية في تعاملاتها مع مؤسسات التمويل الدولية والمستثمرين العالميين، في ظل ثقة متزايدة بقدرتها على إدارة اقتصادها بفعالية واستقرار.

خلفية دولية مضطربة

يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية توترات حادة بسبب قرارات إدارة ترامب الاقتصادية، والتي تضمنت فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الأدوية ذات العلامات التجارية، وإعادة هيكلة برنامج التأشيرات “H-1B”.

وقد أثارت هذه الإجراءات ردود فعل سلبية واسعة، خاصة في الهند التي تضررت بشكل مباشر، إذ تراجع مؤشر MSCI الهند لخمسة أيام متتالية، بينما سحب المستثمرون الأجانب نحو 16 مليار دولار من الأسهم الهندية منذ بداية عام 2025.

وأدت هذه التطورات إلى تحول اهتمام المستثمرين نحو أسواق أكثر استقرارًا، مما جعل المغرب في موقع أفضل نسبيًا مقارنة ببعض الاقتصادات الناشئة مثل الهند وتركيا.

قراءة أعمق لأداء السوق المغربي

يشير تقرير “ستاندرد آند بورز” إلى أن صمود المغرب ليس مصادفة، بل نتيجة إستراتيجية مالية متوازنة وطويلة الأمد، تركز على ضبط الدين العام والحفاظ على سياسة نقدية متحفظة، مما ساعده في حماية اقتصاده من التقلبات العالمية.

ويرى محللون اقتصاديون أن هذا الأداء المتميز يعزز صورة المغرب كـملاذ استثماري آمن في أفريقيا، في وقت تتعرض فيه الأسواق الناشئة لضغوط متعددة نتيجة السياسات الحمائية والاضطرابات الجيوسياسية.

موقع جيوسياسي يمنح قوة إضافية

ويستفيد المغرب أيضًا من موقعه الجيوسياسي الاستراتيجي بين أوروبا وأفريقيا، وهو ما يعزز جاذبيته كوجهة استثمارية مستقرة ومفتوحة أمام تدفقات رأس المال العالمي.

ووفقًا لتقارير بلومبيرغ، فإن المغرب يظهر كأحد المستفيدين القلائل من التحولات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، إذ ينجح في الحفاظ على توازنه المالي واستقراره السياسي في وقت تتعرض فيه اقتصادات آسيوية وأفريقية أخرى لضغوط حادة.

مستقبل واعد في خضم العواصف الاقتصادية

في ظل هذا المشهد المتقلب، تبدو الرباط عازمة على تعزيز مكانتها كوجهة مالية موثوقة في أفريقيا والعالم العربي، مستفيدة من ثقة المؤسسات الدولية ومن قدرة اقتصادها على الصمود أمام الأزمات.

وبينما تتخبط بعض الدول تحت تأثير سياسات ترامب التصعيدية والتوترات التجارية، يواصل المغرب السير بخطى ثابتة نحو ترسيخ موقعه كإحدى الاقتصادات الأكثر استقرارًا وجاذبية للاستثمار في القارة السمراء.

زر الذهاب إلى الأعلى