تقنية

“القرية الذكية”.. قاعدة عسكرية إسرائيلية تحت النيران الإيرانية

في شمال مدينة بئر السبع جنوبي إسرائيل، تقف واحدة من أكثر المنشآت تطورًا في البنية العسكرية الإسرائيلية الحديثة: قرية التكنولوجيا والاتصالات، التي شيّدتها الحكومة الإسرائيلية لتكون نواة استراتيجية لمشروع “متروبولين بئر السبع”، وتحمل طموحات واسعة لتحويل المدينة إلى مركز تكنولوجي وعسكري متقدم.

موقع استراتيجي ومساحة ضخمة

تقع القرية ضمن مجمع “غب-يام” للهايتك، بمحاذاة جامعة بن غوريون، وتمتد على مساحة تبلغ 180 دونمًا (أي ما يعادل 180 ألف متر مربع من الأرض)، فيما تبلغ المساحة المبنية داخلها 180 ألف متر مربع. تمثل هذه المنشأة محورًا متكاملًا يضم مقرات لوزارات، وشركات تكنولوجيا، ومرافق عسكرية، إضافة إلى صروح أكاديمية.

إشراف وتمويل خاص

أُقيم المشروع بإشراف مباشر من “مديرية الانتقال إلى الجنوب” التابعة لوزارة الأمن الإسرائيلية، وبالتعاون مع شعبة الاتصالات والدفاع السيبراني في الجيش، إضافة إلى قسم التخطيط العسكري.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وقعت وزارة الأمن اتفاق امتياز بنظام الشراكة مع القطاع الخاص (PFI) مع شركتي “أفريكا إسرائيل” و**”شيكون وبينوي”**، لتتولى تلك الجهات عمليات التخطيط والتمويل والتنفيذ، بتكلفة تجاوزت 5 مليارات شيكل.

وانتهت عمليات البناء في عام 2023، بينما أُعلن عن بدء التشغيل الرسمي للموقع في 18 مايو/أيار 2025، بحسب ما صرّحت به العقيدة العسكرية دانا أفني، التي كشفت أن المرحلة الأولى ستستقبل قرابة 8 آلاف جندي وضابط.

مرافق متكاملة ذات طابع عسكري وأمني رفيع

تحتضن القرية عددًا من المرافق الحساسة والقيادية، أبرزها:

  • مقر القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي
  • قسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
  • الوحدات التكنولوجية التابعة لسلاح الجو
  • مدرسة تعليم الدفاع السيبراني
  • وحدة “أوفيك 324” المعنية بتطوير البرمجيات العسكرية
  • مساكن عسكرية بسعة تتراوح بين 6,300 إلى 8,000 جندي

وتروّج الحكومة الإسرائيلية للقرية بوصفها “القاعدة العسكرية الأكثر تطورًا في البلاد”، وواجهة للنموذج التكنولوجي المستقبلي ضمن خطط إعادة توزيع الجيش وتوسيع حضوره في الجنوب.

قصف إيراني يستهدف “قلب القرية”

في تطور لافت ومفاجئ، تعرّضت قرية التكنولوجيا والاتصالات لهجوم صاروخي مباشر من إيران، ضمن عملية أطلقت عليها طهران اسم “الوعد الصادق 3”، وذلك ردًا على الهجوم الإسرائيلي على منشآت نووية داخل إيران واغتيال قيادات عسكرية إيرانية في 13 يونيو/حزيران 2025.

وقد أقرّ الجيش الإسرائيلي بأن الصاروخ سقط بشكل مباشر في مدينة بئر السبع دون أن يتم اعتراضه، الأمر الذي فتح باب الانتقادات على الأداء الدفاعي لنظام القبة الحديدية.

وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن الصاروخ حمل رأسًا متفجرًا بوزن يفوق 300 كيلوغرام، وتسبب في إصابة عشرات الأشخاص وأضرار مادية كبيرة في البنية التحتية، إذ أصاب مرآبًا للسيارات ما أدى إلى اندلاع حرائق وتشكل حفرة عميقة.

كما أعلنت شركة القطارات الإسرائيلية تعليق عمل محطة بئر السبع بعد تعرضها لأضرار مباشرة.

من جهتها، أكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن الصاروخ استهدف “مركز غب-يام نيغيف التكنولوجي”، مشيرة إلى أن الموقع يضم مؤسسات عسكرية وأمنية نشطة، واعتبرته “واحدًا من الأهداف ذات الطابع السيبراني والعسكري المتقدم”.

قراءة في الحدث

الهجوم الإيراني المباشر على منشأة تُعد من أعمدة البنية السيبرانية والمعلوماتية للجيش الإسرائيلي يمثل تحولًا نوعيًا في قواعد الاشتباك الإقليمي. كما أنه يسلّط الضوء على هشاشة بعض المرافق الحيوية رغم الضجيج الإعلامي حول تطورها التكنولوجي.

في الوقت نفسه، تبرز قرية التكنولوجيا في بئر السبع كحلقة استراتيجية ضمن مشهد أمني متوتر، ما يجعلها في قلب الصراع بين تطلعات إسرائيل الدفاعية والطموحات الإيرانية للردع والانتقام.

زر الذهاب إلى الأعلى