اقتصاد

الصين تتفوق في المواجهة التجارية مع الولايات المتحدة: قراءة في تقرير بلومبيرغ

في ظل التوتر التجاري الذي شهدته العلاقة بين واشنطن وبكين خلال عام 2025، بدا في البداية أن الصين تحت ضغط، لكن تقرير حديث لصحيفة بلومبيرغ يؤكد أن بكين خرجت أقوى وأكثر تحكماً في مجريات الأمور، مستفيدة من أوراق قوة استراتيجية لم تُقدّر قيمتها في البداية.

أوراق قوة الصين

تتمثل أبرز نقاط القوة الصينية في السيطرة شبه الكاملة على سلاسل توريد المعادن النادرة، وهي مواد أساسية في صناعة المغناطيسات القوية، الشاشات، والإشارات الرقمية، فضلاً عن استخدامها في تطبيقات صناعية وعسكرية متنوعة. القيود على تصدير هذه المعادن تهدد قطاعات أميركية حيوية، من السيارات الكهربائية والأقمار الصناعية إلى الطيران والإلكترونيات الاستهلاكية.

كما تعتمد الولايات المتحدة على الصين في مكونات نحو 700 دواء، إضافة إلى قدرتها على استخدام القيود التصديرية للضغط على شركات عالمية، كما حصل في أكتوبر/تشرين الأول حين أوقفت الصين صادرات رقائق حاسوبية لشركات يابانية، ما أدى إلى تباطؤ الإنتاج.

في المقابل، تملك الولايات المتحدة نقاط ضغط محدودة، أبرزها السيطرة على الرقائق المتقدمة للذكاء الاصطناعي، لكن هذا لا يعادل أهمية المعادن النادرة والأدوية بالنسبة للصين، وفق محللين اقتصاديين.

التقدم التكنولوجي والطاقة النظيفة

تشير بلومبيرغ إلى تقدم الصين الكبير في الطاقة النظيفة والصناعات المستقبلية، فهي تبني قدرة طاقة شمسية تعادل ضعف ما تبنيه أميركا وأوروبا مجتمعتين، وتنتج 70% من السيارات الكهربائية عالمياً، مع تفوق واضح في تقنيات البطاريات.

كما حققت الصين تقدماً في الروبوتات الصناعية والطائرات المسيّرة، وبدأت تطوير رقائق محلية كافية لإنتاج منتجات تنافسية رغم القيود الأميركية، ما يعكس قدرة بكين على التحايل على العقوبات وبناء صناعات محلية مستدامة.

التحديات الصينية

رغم هذه الإنجازات، تواجه الصين تحديات كبيرة تشمل أزمة عقارية ضخمة، ضغوط انكماشية، وشيخوخة سكانية متسارعة ستفقد البلاد ربع قوتها العاملة خلال 25 عاماً. كما يظل خطر الوقوع في فخ الدخل المتوسط قائماً، وهو ما يحاول الحزب الشيوعي تجاوزه عبر التركيز على “صناعات المستقبل”، مثل الفضاء والحوسبة الكمية.

الخلاصة

تخلص بلومبيرغ إلى أن الرهان على انهيار الصين لم يعد واقعياً، وأن بكين خصم قوي مصمم على توسيع مزاياه الاستراتيجية، بينما يبدو الرهان الأميركي على “هزيمتها” أقل انسجاماً مع الواقع العالمي. إعادة تقييم موقع الصين في النظام الدولي أصبحت ضرورة، ليس إعجاباً بنموذجها، بل إدراكاً لتغير موازين القوى الاقتصادية والتكنولوجية.

زر الذهاب إلى الأعلى