الأخبار الدولية

السويداء بين الغضب والجدل: رفع علم إسرائيل يشعل الانقسام حول المسؤوليات والمآلات

شهدت مدينة السويداء يوم الجمعة مظاهرة أثارت جدلاً واسعاً بعدما رفع خلالها بعض المشاركين علم إسرائيل، مردّدين شعارات تطالب بالانفصال من قبيل: “الشعب يريد دخول إسرائيل”. هذه المشاهد التي وُثقت عبر مقاطع مصورة أشعلت سجالاً حاداً على منصات التواصل الاجتماعي السورية حول المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في المحافظة.

فقد حمّل بعض الناشطين الحكومة السورية المسؤولية، معتبرين أن طريقة تعاملها مع ملف السويداء أسهمت في تفاقم التوتر. في المقابل، ألقى آخرون باللوم على الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز زعماء الطائفة الدرزية في المدينة، واعتبروا أن تحركاته ومجموعاته ليست سوى “مسرحية مكشوفة”، وأن العلم الإسرائيلي المرفوع فوق “دار الطائفة” يفضح غياب أي مشروع وطني حقيقي.

ويرى أصحاب هذا الرأي أن من يرفع علم “المحتل” فوق مقام ديني باسم “الكرامة” إنما يضع نفسه طوعاً في دائرة الارتهان للخارج، معتبرين ما يجري نسخة جديدة من مشاريع انفصال سابقة لم تفضِ سوى إلى الارتهان لقوى خارجية.

في المقابل، وجد آخرون أن خطاب محافظ السويداء، مصطفى بكور، اتسم بقدر من الاتزان، حيث شدد على أن السلم الأهلي ضرورة وجودية لا يمكن التفريط بها، وأن الإصلاح يبدأ بلمّ الشمل وتقريب وجهات النظر، لا بإشعال صراعات داخلية وفتح الباب للتدخل الأجنبي.

ويرى بعض الناشطين أن رفع العلم الإسرائيلي في ساحة الكرامة كان خطأً فادحاً يدركه أبناء الطائفة أنفسهم، لكنه جاء نتيجة مزيج من الخوف والقهر والتحدي. ويؤكد هؤلاء أن ردم الهوة لا يزال ممكناً، وأن على دمشق أن تبادر لاحتواء الموقف عبر الحوار لا التصعيد، فالحكومة – برأيهم – مطالبة باحتضان مواطنيها لا دفعهم إلى مزيد من التباعد.

كما أشار معلقون إلى أن “المراهقة السياسية لا تصنع أوطاناً”، وأن رفع أعلام دولة عدوة لا يضمن دعماً دائماً، بل يجعل أي جيب انفصالي ورقة بيد الخارج يسهل التخلي عنها متى انتفت الحاجة إليها. ورأى آخرون أن المؤلم حقاً هو اضطرار مواطنين للاستنجاد بالخارج عوض أن يجدوا الحماية والعدالة داخل وطنهم.

في المقابل، أكد فريق من الناشطين أن المسؤولية الأولى تبقى على عاتق الدولة، إذ لا يمكن أن تُعامل مدينة سورية معاملة العدو. واعتبروا أن دور الدولة يجب أن يكون الحامي لا الخصم، خاصة في ظل التحديات التي تواجه البلاد.

وختم مدونون بالقول إن مشاهدة ما يجري في السويداء قد يثير تفهماً لمشاعر الغضب والخيبة لدى أهلها، لكن ذلك لا يبرر – بأي حال – رفع علم إسرائيل والمطالبة بالانفصال، لافتين إلى أن مدناً سورية أخرى واجهت مآسي أشد قسوة من براميل متفجرة وهجمات كيميائية، ومع ذلك لم ترفع راية الانفصال.

زر الذهاب إلى الأعلى