ثقافة

الأكاديمية الفرنسية تكرّم الروائي الياباني أكيرا ميزوباياشي بجائزتها الكبرى للفرنكوفونية

كرّمت الأكاديمية الفرنسية هذا العام الكاتب الياباني أكيرا ميزوباياشي بمنحه الجائزة الكبرى للفرنكوفونية، تقديرًا لإسهاماته البارزة في الأدب المكتوب باللغة الفرنسية، رغم كونها ليست لغته الأم. ويُعد هذا التتويج الأحدث ضمن سلسلة من الجوائز والترشيحات التي حصل عليها ميزوباياشي في فرنسا، تأكيدًا على مكانته المتنامية في المشهد الأدبي الفرنكوفوني.

ويصفه النقاد بأنه “كاتب يعبر الحدود” ثقافيًا ولغويًا، إذ ينسج رواياته الفرنسية من عمق تجربته اليابانية، مستخدمًا لغة شاعرية هادئة لمعالجة قضايا التمزق الإنساني والهوية والذاكرة. ورغم كونه غير فرنسي الأصل، أصبح اليوم من أبرز الأسماء الأدبية في الساحة الفرنسية.

كاتب عبر الثقافات واللغات

ولد أكيرا ميزوباياشي قبل 73 عامًا، ويتقن الفرنسية بطلاقة، ويقيم ويدرّس في طوكيو. تلقّى تعليمه العالي في الأدب الفرنسي بجامعة طوكيو، قبل أن ينتقل إلى فرنسا لتعميق دراسته في الأدب الكلاسيكي، ثم عاد ليصبح أستاذًا جامعيًا متخصصًا، قبل أن يتفرغ للكتابة الإبداعية باللغة الفرنسية.

وقد أصدر أول أعماله الأدبية عام 2011 عن دار “غاليمار” الشهيرة، التي لا يزال ينشر معها حتى اليوم، ولفت منذ البداية الأنظار بأسلوبه الرقيق والعميق.

تتناول كتاباته عادة قضايا مثل العلاقة بين اللغة والهوية، آثار الحروب، الذاكرة الفردية والجماعية، والتفاعل بين الثقافتين الشرقية والغربية، مع حضور دائم لموضوع الموسيقى كعنصر مركزي في سردياته.

الفرنسية كآلة موسيقية

في مقابلة مع مجلة اليونسكو، شبه ميزوباياشي علاقته باللغة الفرنسية بالموسيقى، قائلاً:
“الفرنسية كانت لي كآلة موسيقية. نشأت في بيت يحب الموسيقى، أخي كان يعزف الكمان، وأنا كنت أعزف البيانو. بدأت تعلم الفرنسية من خلال دروس الإذاعة، وكانت علاقتي بها أولًا سمعية، شبه جسدية. التقطتها بأذني وجسدي، كما لو كانت لحنًا.”

وأضاف: “حين قررت جعل الفرنسية آلتي الموسيقية، كنت كعازف مبتدئ يتدرب لساعات طويلة. لم يكن الأمر مرهقًا، بل مصدرًا للبهجة. بدأت أكتب منذ البداية، مقلدًا التراكيب والجمل، وكانت الكتابة تدريبًا يوميًا”.

“روح الموسيقى” و”غابة النيران والظلال”

من أبرز أعمال ميزوباياشي رواية “روح الموسيقى” الصادرة عام 2019، والتي نالت جائزة اتحاد بائعي الكتب الفرنسيين. تتناول الرواية آثار الحرب على الطفولة والهوية، من خلال قصة فتى ياباني عاشق للموسيقى ينفصل عن والده بسبب الحرب. وقد اعتبرها النقاد عملًا نادرًا في رهافته الإنسانية.

ويعود هذا العام بروايته الجديدة “غابة النيران والظلال” (La Forêt de flammes et d’ombres)، التي تتناول نهاية الحرب العالمية الثانية في اليابان، وتدمج بين الموسيقى والدمار، في سياق يجمع بين الذاتية والتأمل التاريخي.

موسم الجوائز الأدبية

في حفل توزيع الجوائز الذي نظمته الأكاديمية الفرنسية، مُنحت 71 جائزة أدبية هذا العام، من بينها الميدالية الكبرى للفرنكوفونية التي حصل عليها ميزوباياشي، فيما ذهبت الجائزة الكبرى للأدب إلى الكاتب الفرنسي ميشال برنار عن مجمل أعماله.

كما كُرّمت عدة شخصيات بارزة بدورها في تعزيز اللغة والأدب الفرنسيين، من بينهم الأكاديمية التونسية ليلى بن حمد، والأكاديمي الإيطالي إيمانويل كوتينيلي ريندينا، والكاتب البريطاني ويليام بويد، والمترجمة الفرنسية-الأميركية باتريشيا ريزنيكوف، ومؤرخ الفن الألماني هندريك زيغلر.

زر الذهاب إلى الأعلى