الأردن يوقف استقدام العمالة الوافدة لتنظيم السوق ومعالجة البطالة

أعلنت وزارة العمل الأردنية رسميًا وقف استقدام العمالة غير الأردنية اعتبارًا من يوم الخميس الماضي، مع انتهاء فترة السماح التي استمرت ثلاثة أشهر وُضعت لتلبية احتياجات قطاعات محددة.
وفي تصريح خاص لموقع الجزيرة نت، أوضح الناطق باسم الوزارة، محمد الزيود، أن هذا القرار لن يُعاد النظر فيه إلا بعد إجراء دراسات وافية ومتكاملة لسوق العمل، لتحديد الاحتياجات الحقيقية.
وأشار الزيود إلى أن الهدف الأساسي من القرار هو ضبط سوق العمل، وتقليص المخالفات المرتبطة بالعمالة الوافدة، وفتح المجال أمام المواطنين الأردنيين للحصول على فرص عمل، في ظل ارتفاع معدلات البطالة.
وفي إطار تنفيذ القرار، تواصل وزارة العمل بالتعاون مع وزارة الداخلية ومديرية الأمن العام حملات التفتيش المكثفة لضبط العمالة المخالفة، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب العمل الذين يوظفونهم بطرق غير قانونية.
وشدد الزيود على أن الوزارة تسعى إلى توفير حماية متكاملة لجميع العاملين، بما يشمل الحقوق العمالية والرعاية الصحية، حيث يُلزم الاستقدام بالخضوع لفحوص طبية، إلى جانب ضرورة حمل تصريح عمل ساري. كما أكد أن قانون العمل الأردني لا يميز بين الأردنيين وغيرهم فيما يخص الحماية القانونية.
فجوة كبيرة في سوق العمل
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدل البطالة في الأردن بلغ نحو 21.4% خلال عام 2024، موزعًا بين 18.2% للذكور و32.9% للإناث.
وتُقدر أعداد العمالة الوافدة في المملكة بنحو 1.57 مليون عامل، إلا أن العاملين ضمن الاقتصاد المنظم لا يشكلون سوى ربع هذا العدد تقريبًا. وتشير البيانات إلى أن 306 آلاف فقط يحملون تصاريح عمل سارية، فيما لم يُجدّد نحو 41 ألف عامل تصاريحهم منذ عام 2021، وتُقدّر العمالة غير النظامية بنحو 1.2 مليون عامل.
وأضاف الزيود أن السلطات كثّفت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري حملات التفتيش، ما أدى إلى ترحيل أكثر من 3 آلاف عامل وافد مخالف.
جدل حول قدرة الأردنيين على سد النقص
يرى الناطق باسم الوزارة أن النظرة السائدة حول عزوف الأردنيين عن بعض المهن بدأت بالتلاشي، مشيرًا إلى أن ثقافة “العيب” آخذة في التراجع، إذ يعمل كثير من خريجي الجامعات في مهن النقل والسياقة، وكذلك في وظائف كانت تُعد غير مرغوبة مثل “عامل وطن”.
في المقابل، عبّر حمادة أبو نجمة، المدير العام لـ”بيت العمال”، عن وجهة نظر مغايرة، معتبرًا أن إحجام الأردنيين عن بعض المهن يعود إلى ضعف الحمايات القانونية والاجتماعية، وغياب برامج التأهيل المناسبة.
وقال أبو نجمة إن القرار بصيغته الحالية “يثير القلق”، خاصة في قطاعات تعتمد على العمالة الموسمية، مثل الزراعة والبناء، محذرًا من أن يؤدي القرار إلى نقص في العمالة، وتراجع الإنتاجية، وارتفاع التكاليف، مما سينعكس سلبًا على السوق والمستهلك.
ودعا إلى اعتماد سياسات مرنة تستند إلى دراسات قطاعية حديثة، وتراعي خصوصية كل قطاع، مؤكدًا أن “إحلال العمالة الوطنية لن ينجح إلا بتحسين بيئة العمل، وتوفير التدريب والتأهيل المناسبين”.
مخاوف اقتصادية واتهامات بالشعبوية
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش أن القرار ليس بجديد، بل يأتي ضمن محاولات سابقة لمعالجة البطالة من خلال “الإحلال”، دون معالجة الأسباب الجذرية.
وأشار إلى أن غالبية الوظائف المستهدفة لا تتطلب مهارات عالية، ولا توفر آفاقًا مهنية واضحة، مضيفًا أن كثيرًا من هذه المهن ظهرت في الأصل بسبب العمالة الوافدة، ما يجعل من الصعب إحلال العمالة المحلية مكانها، نظرًا للفروقات في الأجور، ومستويات الإنتاجية، وثقافة العمل.
ورأى عايش أن القرار “يحمل طابعًا شعبويًا” ولا يستند إلى نمو اقتصادي حقيقي، مشددًا على أن الحل يكمن في ربط القرارات الإدارية بخطط اقتصادية شاملة، تشمل تطوير برامج التأهيل، وتحسين ظروف العمل، لتكون الوظائف أكثر جذبًا للمواطنين.
قرارات سابقة ومهن محظورة
يُذكر أن الحكومة الأردنية كانت قد اتبعت نهجًا مشابهًا عام 2023، من خلال قرار بوقف استقدام العمالة الوافدة مع بعض الاستثناءات، شملت قطاع العاملين في المنازل، والمهن المتخصصة، وقطاع الألبسة والمنسوجات في المناطق الصناعية المؤهلة.
كما أصدرت وزارة العمل قائمة بالمهن المحظور على غير الأردنيين العمل فيها، تضمنت أعمالًا يدوية ومهنية مثل الحلاقة، وتنجيد الأثاث، وصياغة الذهب، والمخابز، ومحال الحلويات، والنجارة، والحدادة، وخياطة الأزياء التراثية وغيرها.