الصحة

اكتشافات رائدة: “الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر” يفتح آفاقاً جديدة لأمراض القلب

كشفت دراسات حديثة عن أدوار محورية لجزيئات “الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر” (Non-coding RNA)، وهي أنواع من الحمض النووي الريبوزي (RNA) لا تُنتج البروتينات. تُبشّر هذه الاكتشافات بآفاق جديدة في تشخيص، علاج، والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية. وقد قام باحثون من جامعة قوانغدونغ الطبية في الصين بجمع وتحليل هذه الدراسات، ونُشر البحث في مجلة “جينات وأمراض” (Genes & Diseases).

فهم الحمض النووي: من الأساسيات إلى الاكتشافات الجديدة

الأحماض النووية هي جزيئات أساسية مسؤولة عن تخزين وترجمة المعلومات الوراثية في الكائنات الحية. يوجد نوعان رئيسيان: الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA)، والحمض النووي الريبوزي (RNA)، ويُعرفان أيضًا باسم “المادة الوراثية”.

يتواجد الحمض النووي (DNA) في نواة الخلايا الحية على شكل سلم لولبي مزدوج مكون من شريطين، يشكلان الكروموسومات التي تحمل الصفات الوراثية. أما الحمض النووي الريبوزي (RNA)، فيُعد حلقة وصل، حيث يترجم المعلومات من DNA ليُعطي إشارات للخلايا لتصنيع البروتينات المناسبة لوظائفها الحيوية، مثل تصنيع اللعاب أو الأنسولين.

إعادة تعريف “الحمض النووي الخردة”

لطالما ساد الاعتقاد بأن وظيفة الحمض النووي (DNA) تقتصر على تخزين المعلومات الوراثية التي تُنسخ إلى RNA ثم تُترجم إلى بروتينات. ومع ذلك، أظهرت الأبحاث أن أقل من 2% فقط من الحمض النووي يُترجم إلى بروتينات، بينما كانت النسبة الأكبر (حوالي 98%) تُعتبر لفترة طويلة “حمضًا نوويًا خردة” (Junk DNA) بلا وظيفة معروفة.

لكن الدراسات الحديثة أثبتت أن جزءًا كبيرًا من هذا “الحمض النووي الخردة” يُنسخ إلى “الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر” (Non-coding RNA). وتبين أن هذه الجزيئات تلعب أدوارًا أساسية في تنظيم الجينات، التفاعل مع البروتينات، والمساهمة في استقرار المادة الوراثية داخل الخلية.

دور الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر في الأمراض المزمنة

تلعب جزيئات الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر أدوارًا مهمة في تنظيم العمليات الخلوية الأساسية، مثل انقسام الخلايا، موت الخلايا المبرمج، والالتهابات. هذا الاكتشاف دفع الباحثين للتعمق في علاقتها بالأمراض المزمنة، خاصة أمراض القلب والأوعية الدموية.

وجد الباحثون أن أنماط التعبير عن الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر تتغير بشكل ملحوظ في حالات مثل احتشاء عضلة القلب، الفشل القلبي، وتصلب الشرايين. تساهم بعض هذه الجزيئات في تطور المرض، بينما يعمل بعضها الآخر كآلية دفاعية للخلايا القلبية.

هذا يشير إلى أن الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر لا يمثل فقط مؤشرات حيوية قيمة للتشخيص المبكر، بل قد يُمثل في المستقبل أهدافًا علاجية ووقائية جديدة لأمراض القلب. هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام استراتيجيات مبتكرة لمكافحة هذه الأمراض الفتاكة.

زر الذهاب إلى الأعلى