اقتصاد السعودية يتجاوز التوقعات في الربع الأول رغم تحديات أسعار النفط

أظهرت بيانات رسمية حديثة نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3.4% على أساس سنوي خلال الربع الأول من عام 2025، متجاوزًا التقديرات الأولية التي توقعت نمواً عند 2.7% فقط، وفق ما أعلنته الهيئة العامة للإحصاء.
وعزت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، هذا النمو الأقوى من المتوقع إلى انكماش أقل في القطاع النفطي ونمو ملحوظ في الأنشطة غير النفطية. فقد سجلت الأنشطة النفطية انكماشًا طفيفًا بنسبة 0.5%، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 1.4%، في حين نمت الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.9%، متفوقة على التقديرات التي أشارت إلى 4.2%.
ورغم استمرار تراجع أسعار النفط العالمية، فإن قرار المملكة بخفض إنتاجها النفطي ساهم في التخفيف من حدة تأثير هذا الانخفاض على الأداء الاقتصادي.
عجز مالي متنامٍ
في المقابل، تواجه المملكة ضغوطًا مالية متزايدة نتيجة تراجع إيرادات النفط، إذ يشير صندوق النقد الدولي إلى أن السعودية تحتاج إلى سعر نفط يتجاوز 90 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن المالي، بينما تتراوح الأسعار الفعلية مؤخرًا حول 60 دولارًا للبرميل.
وفي خطوة تعكس هذه الضغوط، خفضت المملكة أسعار النفط المخصص للمشترين الآسيويين لشهر يوليو، وذلك بالتزامن مع قرار تحالف “أوبك بلس” رفع سقف الإنتاج للشهر الرابع على التوالي، بزيادة قدرها 411 ألف برميل يوميًا في يوليو، بعد زيادات مماثلة في مايو ويونيو.
رؤية 2030 ومراجعة الأولويات
ضمن رؤيتها الطموحة 2030، تستثمر السعودية مبالغ ضخمة في مشاريع تنموية عملاقة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. ومع ذلك، نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن وزير المالية السعودي محمد الجدعان في مايو الماضي أن المملكة تعكف على مراجعة أولويات الإنفاق في ظل تراجع العائدات النفطية.
وحذّرت مونيكا مالك من احتمال تراجع الإنفاق الحكومي خلال الفترة المقبلة في إطار جهود الحد من اتساع العجز، وهو ما قد ينعكس سلبًا على وتيرة نمو الاقتصاد غير النفطي. لكن في المقابل، رأى دانيال ريتشاردز، المحلل في بنك الإمارات دبي الوطني، أن الإنفاق على المشاريع الحالية لا يزال كافيًا للحفاظ على زخم النمو، متوقعًا استمرار هذا الدعم خلال عامي 2025 و2026.
التزامات إنشائية وفعاليات دولية كبرى
وتستعد السعودية لاستضافة عدد من الفعاليات الرياضية الكبرى، التي تتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، منها دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029، التي ستقام في بيئة صناعية تضم ثلوجًا وبحيرة مياه عذبة، وكذلك بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، التي يتوقع أن تُبنى لها 11 ملعبًا جديدًا، إضافة إلى تجديد عدد من الملاعب القائمة.
ومن المتوقع أن يصل العجز المالي للمملكة مع نهاية العام الجاري إلى نحو 101 مليار ريال سعودي (ما يعادل 27 مليار دولار)، في ظل استمرار التحديات المرتبطة بأسعار النفط ومتطلبات الإنفاق التنموي.