استطلاع رويترز: نمو اقتصادي أسرع لدول الخليج في 2025 بدعم من إنتاج النفط والتنويع الاقتصادي

كشف استطلاع حديث أجرته وكالة رويترز لآراء خبراء اقتصاديين أن اقتصادات معظم دول مجلس التعاون الخليجي مرشحة لتحقيق نمو أسرع خلال عام 2025 مقارنة بعام 2024، مدفوعة بزيادة إنتاج النفط وتسارع وتيرة مشاريع التنويع الاقتصادي.
ورغم التخفيضات الكبيرة في إنتاج النفط الخام منذ أواخر عام 2022، لا تزال أسعار الطاقة منخفضة نسبياً، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والغموض المحيط بسياسات التجارة الأميركية، ما أثر سلباً على الطلب العالمي على النفط، وبالتالي على إيرادات منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).
توقعات أسعار النفط والنمو
بحسب استطلاع منفصل، من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 67.86 دولارًا للبرميل في عام 2025، بينما ظل السعر يحوم حول 70 دولارًا خلال معظم العام الحالي.
وكانت دول أوبك قد بدأت منذ أبريل/نيسان في زيادة إنتاجها من النفط في محاولة لاستعادة حصتها السوقية من المنتجين المنافسين، وخاصة الولايات المتحدة. كما عززت بعض هذه الدول، مثل السعودية والإمارات، جهودها في تنمية قطاعات السياحة والقطاعات غير النفطية لتنويع مصادر الدخل الوطني.
وشارك في الاستطلاع الرئيسي 20 محللاً اقتصادياً بين 15 و28 يوليو/تموز، وتوقع المشاركون أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي للسعودية نمواً بنسبة 3.8% هذا العام، مقارنة بنسبة 1.3% فقط في 2024، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف النمو السابق.
وقال دانيال ريتشاردز، محلل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك الإمارات دبي الوطني:
“كنا نتوقع دائمًا أن تزيد أوبك+ من إنتاجها هذا العام، لكن وتيرة الزيادة فاقت توقعاتنا. ومن الواضح أن الحكومة السعودية لا تزال ملتزمة بمسار التنويع الاقتصادي، ويُتوقع أن يكون الإنفاق على المشاريع كافيًا لدعم نمو قوي في السنوات المقبلة.”
الإمارات وقطر في الصدارة
في دولة الإمارات، توقّع الاستطلاع أن يسجل الاقتصاد نموًا بنسبة 4.8% في عام 2025، و4.6% في 2026، وهي نسب تفوق التوقعات السابقة التي أُعلنت في استطلاع أبريل/نيسان (4.5% و4.2% على التوالي).
أما قطر، فمن المنتظر أن ينمو اقتصادها بنسبة 2.7% في 2025، على أن يتسارع النمو إلى 5.4% في 2026، وهو أعلى معدل نمو تسجله البلاد منذ أكثر من 13 عاماً، بفضل انطلاق مشروع توسعة إنتاج الغاز الطبيعي المسال في العام المقبل. وتسعى كل من قطر والإمارات إلى تقليص الاعتماد على النفط، مع التركيز على تطوير السياحة والبنية التحتية غير النفطية.
وقال بدر الصراف، الباحث في بنك ستاندرد تشارترد:
“تستفيد قطر من إيرادات الغاز القوية، كما أن احتياطياتها المالية وتنوعها الاقتصادي يضعانها في موقع ممتاز. ونفس الأمر ينطبق على الإمارات.”
إصلاحات وتكيّف في السعودية وعمان
وأشار الصراف إلى أن السعودية وسلطنة عمان تُعدّان مثالين بارزين على كيفية التكيّف مع تراجع أسعار النفط عبر الانضباط المالي وتسريع الإصلاحات الاقتصادية.
ووفق الاستطلاع، يُتوقع أن ينمو اقتصاد سلطنة عمان بنسبة 2.8%، واقتصاد الكويت بنسبة 3%، مسجلين بذلك أعلى معدلات نمو خلال السنوات الثلاث الماضية. أما البحرين، فمن المتوقع أن يشهد اقتصادها تباطؤًا طفيفًا إلى 2.9% مقارنة بـ3% العام الماضي.
استقرار التضخم رغم الضغوط العالمية
أظهر الاستطلاع أن معدلات التضخم في دول الخليج مرشحة للبقاء ضمن نطاق مستقر يتراوح بين 1% و2.5% في عام 2025، مع تسجيل 2% في كل من السعودية والإمارات، و1.5% في قطر.
وقال ريتشاردز في تعليقه على مؤشرات التضخم:
“التضخم في المنطقة يظل تحت السيطرة إلى حد بعيد. وعلى الرغم من تراجع الدولار أمام بعض العملات العالمية، إلا أن قوته أمام عملات أخرى في المنطقة ساهمت في تقليص تأثير تقلبات أسعار الصرف على تكاليف الاستيراد.”
نظرة مستقبلية إيجابية
ورغم التحديات الاقتصادية العالمية، يبدو أن دول الخليج تمضي بثبات في تنفيذ خططها الاستراتيجية لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على مؤشرات النمو والتضخم والاستقرار المالي على المدى المتوسط.