اقتصاد

استثمارات مجموعة أداني في إسرائيل تحت المجهر مع تصاعد التوتر بين تل أبيب وطهران

تتجه الأنظار مجددًا نحو استثمارات مجموعة “أداني” الهندية في إسرائيل، وسط تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران، التي ألقت بظلالها على معنويات المستثمرين وطرحت تساؤلات حول استدامة الاستثمارات الهندية في بيئة جيوسياسية متقلبة.

ووفقًا لصحيفة “إيكونوميك تايمز” الهندية، أثارت الضربات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على مواقع نووية وعسكرية إيرانية — والتي يُنظر إليها على أنها بداية مواجهة طويلة الأمد — مخاوف جدية بشأن التداعيات التشغيلية والإستراتيجية لاستثمارات الملياردير غوتام أداني في الشرق الأوسط، التي تُقدّر بمليارات الدولارات.

تراجع أسهم مجموعة أداني

عقب تصاعد التوتر، شهدت بورصة مومباي تراجعًا ملحوظًا في أسهم شركات المجموعة؛ حيث انخفض سهم شركة “موانئ أداني والمنطقة الاقتصادية الخاصة” بنسبة 3.2% ليصل إلى 1398 روبية (16.21 دولارًا)، كما تراجع سهم “أداني إنتربرايزس” بنسبة 2.8% ليصل إلى 2469.55 روبية (28.63 دولارًا).

ميناء حيفا… شريان استراتيجي في قلب العاصفة

أبرز أصول مجموعة أداني في إسرائيل هو ميناء حيفا، الذي استحوذت فيه “موانئ أداني” على حصة 70% عام 2023 مقابل 1.2 مليار دولار، بالشراكة مع مجموعة “جادوت” الإسرائيلية. ويُعد الميناء من البوابات الحيوية لحركة الواردات والصادرات الإسرائيلية، ويمثل نحو 3% من حجم الشحن السنوي لمجموعة أداني.

لكن مع تصاعد التوتر في المنطقة، يُرجح أن يواجه الميناء تحديات تشغيلية مثل تأخير أو إعادة توجيه الشحنات. ورغم أن موقعه في شمال إسرائيل يمنحه بعض الحماية من التصعيدات في الجنوب، إلا أن استمرار الحرب قد يؤثر سلبًا على سلاسل الإمداد والتجارة في البحر الأبيض المتوسط، بحسب الصحيفة الهندية.

وخلال أزمات سابقة، تراجعت أسهم “موانئ أداني” نتيجة اضطرابات في حركة السفن، ما يبرز حساسية الأصول ذات البعد الإستراتيجي أمام التطورات الجيوسياسية، حتى وإن كانت المخاطر المالية المباشرة محدودة.

شراكة دفاعية مع إسرائيل… فوائد محفوفة بالمخاطر

توسّع نفوذ مجموعة أداني في إسرائيل لا يقتصر على الموانئ، بل يشمل أيضًا قطاع الصناعات الدفاعية. ففي عام 2018، أسست “أداني إنتربرايزس” مشروعًا مشتركًا مع شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية تحت اسم “أداني إلبيت أدفانسد سيستمز”، يُعنى بإنتاج الطائرات المسيرة هيرمس 900، والتي يستخدمها الجيش الإسرائيلي على نطاق واسع.

ويقع مصنع إنتاج الطائرات في مدينة حيدر آباد الهندية، ويُعد الموقع الوحيد خارج إسرائيل الذي يُنتج هذا النوع من الطائرات. ومع اشتداد الصراع، يُتوقع أن يرتفع الطلب على منتجات “إلبيت”، التي تُزوّد الجيش الإسرائيلي بنسبة 85% من الطائرات المسيرة، ما قد ينعكس إيجابًا على الشراكة مع أداني.

ورغم الإمكانيات التجارية الواعدة، إلا أن التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين الهند وإسرائيل يظل محاطًا بتحديات سياسية ودبلوماسية، خاصة في ظل التوترات الإقليمية، مما يزيد من تعقيد المشهد الاستثماري.

مشروع أشباه الموصلات.. ضحية التوترات

ضمن خططها التوسعية، كانت مجموعة أداني قد دخلت في محادثات مع شركة “تاور سيميكوندكتور” الإسرائيلية لإقامة مشروع مشترك بقيمة 10 مليارات دولار لتصنيع أشباه الموصلات. غير أن المشروع، وفق تقرير لوكالة رويترز في أبريل/نيسان الماضي، تم تعليقه على الأرجح نتيجة حالة عدم اليقين في السوق والمخاطر السياسية المرتفعة.

تقاطع المصالح والطموحات في بيئة متقلبة

مع تحوّل التوترات بين إيران وإسرائيل إلى متغير دائم في المعادلة الإقليمية، تجد مجموعة أداني نفسها عند نقطة تقاطع حساسة بين طموحات التوسع في واحدة من أكثر مناطق العالم حيوية من الناحية الإستراتيجية، وبين واقع محفوف بالتقلبات الجيوسياسية.

وبينما تراهن المجموعة الهندية على دورها المتنامي في قطاعات الموانئ والدفاع والتكنولوجيا، فإن التحديات الأمنية والسياسية قد تفرض إعادة تقييم شاملة لمخاطر الاستثمار في إسرائيل، في ظل غياب رؤية واضحة لمستقبل الاستقرار في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى