اتحاد أوروبي – أميركي: تقارب في المحادثات التجارية وسط تهديدات جمركية من ترامب

أعلن مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، ماروش شفتشوفيتش، اليوم الاثنين، أن المحادثات التجارية الجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تقترب من التوصل إلى اتفاق “مفيد للطرفين”. وأضاف خلال اجتماع وزراء التجارة الأوروبيين في بروكسل أن “الشعور السائد لدينا هو أننا نقترب كثيرًا من إبرام اتفاق”.
إلا أن أجواء التفاؤل هذه تتقاطع مع تهديدات أميركية بفرض رسوم جمركية قد تصل إلى 30% على صادرات الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة يرى شفتشوفيتش أنها قد “تقضي فعليًا على التجارة” بين الجانبين.
مواجهة جمركية مرتقبة وتحالفات جديدة
في ظل التصعيد الأميركي، بدأ الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات لتعزيز التعاون مع دول أخرى متضررة من الإجراءات الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وبحسب مصادر نقلتها وكالة بلومبيرغ، فإن الاتصالات جارية مع دول مثل كندا واليابان، لبحث إمكانية تنسيق الردود التجارية.
تأتي هذه التحركات في وقت لا تزال فيه المحادثات الأوروبية الأميركية تراوح مكانها، خاصة في الملفات الشائكة مثل السيارات والمنتجات الزراعية، رغم مرور وقت طويل على انطلاقها. وأُبلغت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمستجدات المفاوضات خلال اجتماع عُقد يوم الأحد.
اتفاقيات تجارية بديلة لتعزيز الحضور الآسيوي
في السياق ذاته، صرّحت تيريزا ريبيرا، مفوضة شؤون المنافسة بالاتحاد الأوروبي، بأن التكتل يسعى إلى توسيع وتعميق علاقاته التجارية مع دول آسيا والمحيط الهادئ، وعلى رأسها الهند، مشيرة إلى أن المفاوضات الجارية بين الجانبين قد تُستكمل بنهاية العام الجاري.
وجاءت تصريحات ريبيرا من العاصمة الصينية بكين، حيث تجري مباحثات تركز على ملف المناخ مع المسؤولين الصينيين، وأكدت خلالها أهمية “استكشاف مدى وعمق التعاون مع شركائنا الآسيويين”.
تمديد تعليق الإجراءات المضادة… لكن الاستعداد مستمر
في محاولة لاحتواء التصعيد، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تمديد تعليق الإجراءات التجارية المضادة ضد الولايات المتحدة حتى 1 أغسطس/آب، لإفساح المجال أمام استمرار المحادثات. وشددت في تصريح من بروكسل على أن “الاتحاد الأوروبي يفضل الحل التفاوضي”، إلا أنه في الوقت نفسه “يُعد بدائل ردعية”.
وتشمل الإجراءات المحتملة قائمة برسوم جمركية على سلع أميركية بقيمة 21 مليار يورو (نحو 24.5 مليار دولار)، فضلاً عن قائمة احتياطية تتضمن بضائع إضافية بقيمة 72 مليار يورو، وبعض القيود على التصدير، والتي عُرضت على الدول الأعضاء اليوم الاثنين.
أداة “مكافحة الإكراه” قيد الانتظار
رغم التصعيد، استبعدت فون دير لاين في الوقت الراهن تفعيل “أداة مكافحة الإكراه” التابعة للاتحاد الأوروبي، موضحة أنها مخصصة “للحالات القصوى”، وأن الوضع لم يصل بعد إلى تلك المرحلة. ومع ذلك، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “تسريع الاستعدادات لتفعيل الإجراءات الردعية، بما في ذلك أداة مكافحة الإكراه”، في حال فشل المفاوضات قبل الأول من أغسطس.
بدوره، أكد المستشار الألماني فريدريش ميرز أن فرض رسوم جمركية بنسبة 30% سيشكل ضربة قاسية للمصدرين الألمان، مطالبًا بوحدة أوروبية وتواصل مباشر مع واشنطن لتفادي التصعيد.
سيناريوهات اقتصادية قاتمة
في تقرير تحليلي، حذّر خبراء اقتصاديون في مجموعة “غولدمان ساكس” من أن فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 30% قد يؤدي إلى رفع متوسط التعريفات الأميركية الفعلية على واردات الاتحاد الأوروبي إلى 26 نقطة مئوية، ما قد يتسبب في انخفاض تراكمي في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 1.2% حتى نهاية 2026، مع احتمالات لتأثر قطاعات رئيسية أكثر من غيرها.
ويتوقع الخبراء أن يرد الاتحاد الأوروبي بإجراءات مقابلة قد تشمل تعريفات تدريجية بنفس النسبة، ما يفتح الباب أمام تصعيد تجاري أوسع. ومع ذلك، اعتبر التقرير أن تهديد ترامب الأخير “قد يكون مجرد تكتيك تفاوضي”، متوقعًا أن يتم التوصل إلى اتفاق جزئي يشمل إبقاء الرسوم عند مستوياتها الحالية (10% على كافة السلع، و25% على الصلب والألمنيوم والسيارات).
ضغوط ترامب تتواصل
في رسالة وُجهت السبت، هدّد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% اعتبارًا من الشهر المقبل إذا لم تُحرز المحادثات تقدمًا. وأكد في تصريحات أمس الأحد من قاعدة أندروز الجوية بولاية ماريلاند أن “المفاوضات التجارية جارية مع الاتحاد الأوروبي”، في وقت تم فيه إرسال رسائل مماثلة إلى شركاء تجاريين آخرين، مثل المكسيك.
إضافة إلى الرسوم العامة، فرضت إدارة ترامب تعريفات إضافية شملت 25% على السيارات وقطع الغيار، وضِعفها على المعادن، إلى جانب ضرائب قطاعية على أدوية وأشباه الموصلات، وآخرها فرض رسوم بنسبة 50% على النحاس.
التكتل الأوروبي يسعى للحلول… ولكن بشروط
ورغم استمرار السعي الأوروبي للوصول إلى اتفاق شامل يحمي صادراته من القيود الجمركية الأميركية، فإن الاتفاق المنتظر -حتى لو أُبرم- لن يكون كافيًا لحماية الدول الأعضاء من الإجراءات القطاعية المفروضة، مما يدفع الاتحاد إلى مواصلة البحث عن امتيازات خاصة للقطاعات المعرضة للخطر، ضمن استراتيجية تفاوضية متوازنة بين الضغط والمرونة.