اقتصاد

إضراب “إير كندا” يشل حركة الطيران ويكبد المسافرين والاقتصاد خسائر فادحة

لا تزال تبعات الإضراب غير المسبوق لأكثر من 10 آلاف مضيف ومضيفة طيران في شركة “إير كندا”، الذي استمر ثلاثة أيام، تلقي بظلالها على المطارات الكندية الكبرى، محدثة فوضى واسعة وتعطيلًا لخطط آلاف المسافرين القادمين والمغادرين، واضطر كثير منهم للبحث عن بدائل بعد إلغاء رحلاتهم.

الإضراب، الذي يُعد الأول من نوعه منذ عام 1985، انتهى فجر الثلاثاء الماضي بعد مفاوضات شاقة بين نقابة موظفي القطاع العام وإدارة الشركة، توصل خلالها الطرفان إلى اتفاق مبدئي بوساطة التحكيم الإلزامي، ما أتاح عودة طواقم الضيافة إلى العمل واستئناف العمليات الجوية تدريجيًا.

ورغم استئناف الرحلات مساء الثلاثاء، أوضحت الشركة أن العودة إلى الجدول الطبيعي ستتطلب من 7 إلى 10 أيام بسبب غياب الطائرات وأطقمها عن مواقعها، مؤكدة استمرار إلغاء بعض الرحلات في الأيام المقبلة. وأعلنت “إير كندا” أنها ستوفر خيارات للمتضررين من بينها استرداد كامل ثمن التذكرة، أو الحصول على رصيد لاستخدامه مستقبلًا، أو إعادة الحجز على خطوط طيران أخرى متى توفرت المقاعد.

ارتباك وخسائر اقتصادية

الإضراب تسبب في إلغاء مئات الرحلات اليومية وأثر على نحو 130 ألف مسافر يوميًا، بينهم 25 ألف كندي في الخارج. وأجبر آلاف المسافرين على تمديد إقاماتهم بشكل غير متوقع، ما أدى إلى خسائر مالية كبيرة.

كما علّقت “إير كندا” توقعاتها المالية للربع الثالث من العام، إذ كان من المتوقع أن تحقق أرباحًا تتراوح بين 3.2 و3.6 مليارات دولار كندي، إلا أن الإضراب هدد هذه التقديرات. وحذر خبراء من أن استمرار الأزمة كان سيكلف قطاع السفر والسياحة مئات الملايين من الدولارات، ويضعف ثقة المستثمرين في الطيران الكندي الذي ما زال يتعافى من آثار جائحة كورونا.

أسباب الأزمة

النقابة طالبت بزيادات في الأجور تتماشى مع التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، إلى جانب تعويضات عن الوقت غير المدفوع أثناء صعود الركاب وإجراءات ما قبل الإقلاع. في المقابل، عرضت الشركة رفع التعويضات بنسبة 38% على مدى أربع سنوات، بينها 25% في العام الأول، إضافة إلى دفع نصف الأجر عن بعض الأعمال غير المدفوعة حاليًا، وهو ما اعتبرته النقابة غير كافٍ ودفعها للمضي في الإضراب.

الحكومة الفدرالية حاولت التدخل عبر وزيرة العمل باتي هاجدو، التي أصدرت أمرًا بالتحكيم الإلزامي، معتبرة الإضراب “غير قانوني”، لكن النقابة رفضت القرار ورفعت دعوى قضائية ضده.

معاناة المسافرين

في مطار كالغاري الدولي، تكدس المسافرون أمام مكاتب الشركة بحثًا عن حلول، فيما اتجه آخرون إلى خطوط “ويست جيت”، ثاني أكبر ناقل جوي في كندا، لتأمين رحلات بديلة وسط طوابير طويلة.

وسرد عدد من المسافرين تجاربهم الصعبة، بينهم السائح الإسباني تيمان لوبيث، الذي أجبر على تمديد إقامته في الفندق أربعة أيام إضافية بعد إلغاء رحلته، ما استنزف موارده المالية. وأوضح أنه طُلب منه دفع أكثر من 13 ألف دولار كندي لتذكرة عودة عبر خطوط أخرى، واصفًا الموقف بأنه “صادم وغير متوقع من شركة بهذا الحجم”.

كما أعربت الأختان ين وجن من تايوان عن استيائهما لعدم تلقي أي تعويض عن التكاليف الإضافية الناجمة عن تمديد إقامتهما، مؤكدتين أنهما تخشيان أن يؤثر تأجيل رحلتهما على التزاماتهما الدراسية في بلدهما.

انتظار الحل النهائي

ومع عودة الحركة تدريجيًا إلى مطارات تورونتو ومونتريال وفانكوفر وكالغاري، يترقب المسافرون استقرار الرحلات في الأيام المقبلة، فيما يبقى تصويت النقابة على الاتفاق المبدئي خطوة أساسية لترسيخ الحل وضمان عدم تجدد الأزمة.

ويرى خبراء أن نجاح الاتفاق قد يعيد الثقة تدريجيًا إلى قطاع الطيران الكندي، الذي يواجه ضغوطًا متزايدة وتحديات اقتصادية متواصلة.

زر الذهاب إلى الأعلى