هكذا فشل مخطط إسرائيل لتفكيك الأونروا
منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، في السابع من أكتوبر الماضي، تعرضت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لحملة إسرائيلية شرسة تهدف إلى تفكيكها وإنهاء عملها في رعاية لاجئي فلسطين.
تمت هذه الحملة بناءً على ادعاءات بمشاركة بعض موظفي الأونروا في الهجوم، أو بانتمائهم لفصائل المقاومة الفلسطينية، وهذه الادعاءات لم تثبت حتى الآن.
أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري في مؤتمر صحفي أن حوالي 450 موظفًا من الأونروا في غزة ينتمون إلى جماعات مسلحة فلسطينية، وهو ما يشكل أكثر من 10% من إجمالي موظفي الوكالة في القطاع.
وكشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أهداف الحملة، معتبرًا أن الأونروا جزء من المشكلة ويجب استبدالها بكيانات أخرى، بينما أشار مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إلى ضرورة القضاء على الأونروا.
من الملاحظ أن هذه الاتهامات تأتي في الوقت الذي كان مدير عمليات الأونروا في غزة هو شخص لا يمكن أن يكون متماشيًا مع حماس.
وبعد هذه التصريحات والمواقف، بدا أن الوكالة مهددة بالإغلاق، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأميركية تعليق تمويل إدارة الرئيس جو بايدن للوكالة مؤقتًا لحين فحص المزاعم الإسرائيلية.
تلت هذه الخطوة بيانات مماثلة من عدة عواصم غربية، وصل إجمالي المبالغ المعلقة نحو 440 مليون دولار، مما دفع الأونروا للتحذير من وقف أنشطتها في غزة وباقي المناطق التي تعمل فيها في حال تعليق التمويل.
وأقر الكونغرس الأميركي قانونًا يجمد تمويل الأونروا حتى مارس 2025، موافقًا على التوجهات الإسرائيلية.
وبدأت مراكز تفكير قريبة من إسرائيل بتقديم توصيات لتفكيك الأونروا، منها دراسة نشرتها صحيفة واشنطن بوست والتي دعت إلى تفكيك التدريجي للوكالة وتكليف وكالات أممية أخرى بأعمالها.
واقترحت الدراسة أن تشرف اليونسكو على مدارس الأونروا، وبرنامج الأغذية العالمي على توزيع المساعدات الإنسانية، في حين تشرف منظمة الصحة العالمية على إدارة مرافق الرعاية الصحية التابعة للأونروا، وأن تتولى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ملف اللاجئين الفلسطينيين في دول أخرى.
وأشارت الدراسة إلى حرمان العائلات المرتبطة بفصائل المقاومة أو المؤيدة للمقاومة من الخدمات الأونروا، ودعت إلى تغيير المناهج الدراسية التي تقدمها مدارس الوكالة.
وتعرضت الأونروا لانتهاكات ميدانية، حيث قتل منذ بداية الحرب نحو 180 من موظفيها في غزة، وقُتل 428 نازحًا فلسطينيًا أثناء إقامتهم في مقراتها.
ومع استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة وعدم وجود حل سياسي في الأفق، بدأ الموقف الدولي المؤيد لإسرائيل تجاه الأونروا يتلاشى. رفضت النرويج وإسبانيا منذ البداية وقف تمويل الوكالة، وفيما بعد أعلنت أستراليا وكندا والسويد وفنلندا استئناف دعمها المالي للأونروا. اشترط الاتحاد الأوروبي لإعادة التمويل مراجعة حسابات الوكالة المالية وتحسين إدارتها، وكذلك تسليم قائمة بموظفيها للسلطات الإسرائيلية بشكل دوري.
وفي إبريل 2024، أعلنت نتائج التحقيقات المستقلة في عمل الأونروا، بناءً على طلب من الأمين العام للأمم المتحدة، وخلصت التقارير إلى أن الوكالة تطبق سياسات وآليات لضمان الامتثال لمبدأ الحياد، وتفرض عقوبات تأديبية على الموظفين المخالفين، مما يناقض الاتهامات الإسرائيلية.
بهذا السياق، تظهر أن الأونروا تتعرض لضغوط سياسية ومالية شديدة، في حين تستمر في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في ظل الظروف الصعبة والمتغيرة في المنطقة.