تقنية

تطورات الذكاء الاصطناعي: بين الطموحات والتحديات التقنية

شهدت السنوات الأخيرة قفزات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، خصوصًا في تطوير نماذج اللغة العميقة، حيث تصدرت شركة “أوبن إيه آي” الساحة بإطلاق نموذجها الشهير “شات جي بي تي”. ورغم أن النسخة الأولى من هذا النموذج أصبحت متاحة للعامة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إلا أن الشركة سرعان ما طرحت تحسينات متتالية، وصولًا إلى النسخة “جي بي تي-4” التي أُطلقت في مارس/آذار 2023.

شعبية جارفة ونماذج منافسة

حقق “شات جي بي تي” نجاحًا استثنائيًا، مما دفع شركات أخرى إلى تطوير نماذج منافسة تحمل ميزات فريدة. ومع ذلك، حافظ “شات جي بي تي” على مكانته كأبرز نموذج ذكاء اصطناعي بالنسبة للعديد من المستخدمين، مما جعله الوجه الرسمي لهذه التكنولوجيا.

وبفضل هذه المكانة، تترقب الأوساط التقنية ما ستكشف عنه “أوبن إيه آي” في الجيل الجديد “جي بي تي-5”. ورغم الآمال الكبيرة، تشير تقارير إلى أن هذا الإصدار قد لا يشهد قفزة نوعية في الأداء مقارنة بـ**”جي بي تي-4″**.

تحديات التطوير

وفقًا لتقرير نشره موقع “ذي إنفورميشن”، فإن الجيل الجديد الذي يُشار إليه داخليًا باسم “أوريون”، يُتوقع أن يتم طرحه نهاية العام الحالي. ومع ذلك، فإن تضارب التصريحات الرسمية حول موعد إطلاق النموذج أو حتى جاهزيته يشير إلى احتمال وجود عراقيل تقنية أو عدم تحقيق الأداء المرجو حتى الآن.

لماذا التقدم أبطأ؟

التباطؤ في تطور النماذج الجديدة يعكس التحديات المتزايدة في البنية التحتية التقنية اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي. إذ تعتمد هذه النماذج على الخوادم السحابية المتطورة التي تحتاج إلى بطاقات رسومية قوية ومعدات تشغيل متقدمة. ورغم تفوق شركة “إنفيديا” في هذا المجال، تواجه بقية الشركات صعوبات كبيرة في توفير المعدات اللازمة.

إضافة إلى ذلك، يمثل استهلاك الطاقة الضخم لمراكز البيانات تحديًا بيئيًا واقتصاديًا كبيرًا، ما يدفع بعض الشركات لاستكشاف مصادر طاقة بديلة مثل الطاقة النووية.

نقص بيانات التدريب

من التحديات الرئيسية أيضًا هو ندرة البيانات الجديدة التي يمكن استخدامها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. فقد استنفدت الشركات معظم المصادر المتاحة عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي. وفي ظل غياب مصادر بيانات جديدة، أصبح تطوير هذه النماذج يعتمد بشكل أكبر على جهود البحث الداخلي، وهي عملية تستغرق وقتًا أطول.

مستقبل الذكاء الاصطناعي: إلى أين؟

رغم هذه التحديات، لا يزال الذكاء الاصطناعي مجالًا واعدًا ولم يصل إلى ذروة إمكاناته. ومع ذلك، فإن وتيرة التطوير قد تصبح أبطأ من السابق ما لم تتمكن الشركات من إيجاد حلول مبتكرة للتغلب على العقبات التقنية والبيئية والبياناتية.

وفي الوقت الذي تتطلع فيه الشركات إلى التغلب على هذه التحديات، يبقى السؤال المطروح: هل سنشهد طفرة نوعية قريبًا، أم أن تطور الذكاء الاصطناعي سيدخل مرحلة أكثر هدوءًا وتركيزًا على تحسين الكفاءة؟

زر الذهاب إلى الأعلى