الشعب قال كلمته لماذا رفض الرئيس الكيني قانونا للضرائب يؤيده؟
تراجع الرئيس الكيني وليام روتو، مساء الأربعاء، عن الإصلاحات الضريبية المثيرة للجدل التي دافع عنها بشدة في مواجهة المعارضة العامة. جاء ذلك بعد أن تحولت الاحتجاجات الجماهيرية إلى أعمال عنف في اليوم السابق، مما أسفر عن مقتل 23 شخصًا، وفقًا للجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان.
في تقريرها، تساءلت مراسلة الجزيرة الإنجليزية شولا لاوال عن أسباب هذا التراجع في موقف الرئيس روتو، مشيرة إلى شكوك حول مدى ثباته على هذا الموقف. وفي مؤتمر صحفي مساء الأربعاء، قال روتو “لقد قال الناس كلمتهم. أنا أتنازل”، وذلك بعد 24 ساعة فقط من تعهد المتظاهرين بالنزول إلى الشوارع مرة أخرى. ويُعتبر هذا الاعتراف بالهزيمة نادرًا بالنسبة لسياسي يُعرف بعدم تراجعه عن مواقفه.
هذا التراجع يُعد تحولًا حادًا عن خطابه السابق الذي ألقاه قبل أقل من يوم واحد، حيث تبنى موقفًا حازمًا يكاد يكون تهديدًا تجاه المتظاهرين، واتهم أفرادًا “خونة” بمحاولة “زعزعة الأمن والاستقرار”، وأمر بنشر الجيش وفقًا لمحللين، وهي خطوة وُصفت بالمتعجرفة.
أثار تغير موقف الرئيس روتو يوم الأربعاء تساؤلات حول أسبابه، خاصة بالنظر لتعهداته السابقة بالقضاء على الفساد وسوء الإدارة عندما انتُخب قبل عامين. وقالت ويليس أوكومو، الباحثة البارزة في معهد الدراسات الأمنية الأفريقية، “لا أعتقد أنه (موقف) حقيقي، أعتقد أنه يشتري الوقت فقط. الضغوط الغربية قد تكون لعبت دورًا كبيرًا”.
وقد واجه روتو انتقادات لخطابه المتشدد بشأن الأمن يوم الثلاثاء، حيث وصفت اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان تلك التصريحات بأنها غير حساسة ومحرضة، مما أدى إلى تصاعد أعمال العنف.
يُنظر إلى روتو في كينيا على أنه زعيم غير مرن، لكنه يحظى بشرعية من الغرب، خاصة الولايات المتحدة، على الرغم من تاريخه الطويل من التورط المزعوم في أعمال العنف الانتخابي. وتسببت بعض هذه الادعاءات في تحقيق المحكمة الجنائية الدولية معه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والتي أُسقطت لاحقًا لعدم كفاية الأدلة.
منذ انتخابه في عام 2022، اقترب روتو من القوى الغربية، مقدمًا نفسه كقائد تقدمي في قضايا مثل تغير المناخ، وحافظ على موقف حيادي تجاه إسرائيل في النزاعات الإقليمية. كما أنه نجح في تعزيز علاقات كينيا مع الولايات المتحدة، التي صنفته “حليفًا غير رئيسي في حلف شمال الأطلسي”.
على الصعيد الداخلي، واجه روتو انتقادات متزايدة، بلغت ذروتها في الاحتجاجات الحاشدة التي هزت كينيا مؤخرًا. وقد أثار الغضب من خطط جمع الضرائب احتجاجات كبيرة، خاصة بين الشباب الذين شعروا بخيبة أمل من عدم تحقيق وعوده الانتخابية بمحاربة الفساد وتحسين الظروف المعيشية.
وفي النهاية، أعلن روتو أيضًا عن تخفيضات في الإنفاق الحكومي على السفر والضيافة في محاولة لتهدئة الوضع. ومع ذلك، لا يزال المحللون يشككون في قدرته على الوفاء بوعوده، مشيرين إلى أن سجله في تنفيذ التعهدات السابقة ضعيف.
بهذا التراجع، يحاول روتو استعادة بعض من مصداقيته أمام الشعب الكيني، لكنه يواجه تحديات كبيرة في سبيل ذلك، خاصة مع تزايد الشكوك حول قدرته على تحقيق وعوده الانتخابية.