الصحة

مؤسسة قطر تطلق إستراتيجية وطنية شاملة لدعم ذوي اضطراب طيف التوحد وتعزيز اندماجهم في المجتمع

في خطوة تعكس التزامها الراسخ تجاه المجتمع، أطلقت مؤسسة قطر، اليوم الأحد، إستراتيجية وطنية شاملة لدعم الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد، واضعة بذلك معايير جديدة تسعى إلى تعزيز جودة حياة المصابين بهذا الاضطراب وأسرهم، من خلال منظومة متكاملة تراعي تنوع احتياجاتهم وتطلعاتهم.

وقد تم إعداد الإستراتيجية بالتعاون مع نخبة من الخبراء وممثلين عن المجتمع المحلي، وتركز على تمكين ذوي التوحّد من العيش باستقلالية وتحقيق حياة منتجة ومرضية. وتقوم على أربعة محاور رئيسية تشمل:

  1. تحسين الوصول إلى خدمات صحية شاملة ومتكاملة
  2. توسيع نطاق التعليم والتدريب والتوظيف
  3. بناء مجتمع أكثر شمولاً ودعماً
  4. الاستفادة من الأبحاث والابتكار لتعزيز التشخيص والدعم العلاجي

مبادرات استراتيجية رائدة

أعلنت مؤسسة قطر، خلال مؤتمر صحفي، عن عدد من المبادرات الرائدة في إطار هذه الإستراتيجية، من أبرزها إنشاء مركز مجتمعي شامل لتوفير المعرفة والموارد للأسر، وتطوير نموذج متكامل للرعاية الصحية في مستشفى سدرة للطب يهدف إلى تسريع التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى توسيع برامج التعليم والتدريب المهني والجامعي للأشخاص ذوي التوحّد، بما في ذلك تأسيس مركز خاص لرعاية وتنمية الموهوبين منهم.

وأكدت المؤسسة في بيانها أن الإستراتيجية تُولي أهمية كبرى للأبحاث الجينومية والتقنيات الذكية في تعزيز الكشف المبكر وتحسين الرعاية، مستفيدة من موقعها كمحرك وطني في مجالات البحث والتعليم والصحة. كما تهدف إلى تعزيز التنسيق بين القطاعات المختلفة لبناء منظومة وطنية مستدامة لرعاية ذوي التوحّد، وجعل قطر مركزاً عالمياً للابتكار في هذا المجال.

أهداف طموحة وتنسيق شامل

وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح الدكتور خالد فخرو، رئيس قسم الأبحاث ومدير برنامج الطب الدقيق في سدرة للطب، أن الإستراتيجية وضعت من خلال تنسيق عابر للمؤسسات، شمل الجامعات والمستشفيات والمدارس، وستُنفذ عبر مراكز تخصصية ومؤسسات تعليمية وصحية مختلفة.

من أبرز الأهداف التي تسعى الإستراتيجية إلى تحقيقها:

  • خفض متوسط عمر التشخيص المبكر بنسبة 25%
  • اعتماد نموذج رعاية متكاملة بمشاركة 10 تخصصات طبية
  • تدريب 500 طبيب أسرة على أدوات الكشف المبكر
  • إنشاء 5 مراكز متخصصة لتقديم الدعم النفسي للأسر
  • رفع معدل توظيف ذوي التوحد بنسبة 50%

وأشار إلى أن الكشف المبكر هو حجر الزاوية في هذه الإستراتيجية، لما له من أثر كبير في تخفيف الأعراض وتحسين حياة الطفل وأسرته. كما كشف أن نسبة انتشار التوحد في قطر تقارب طفلاً واحداً من بين كل 80 إلى 90، وهي نسبة مماثلة للمعايير العالمية.

الريادة في البحث الجينومي

وأشار الدكتور فخرو إلى دراسة بحثية رائدة تُعرف باسم “دراسة البركة”، والتي تُعد أكبر دراسة جينومية للتوحد في العالم العربي، وتهدف إلى تحليل العوامل الوراثية والبيئية المرتبطة بالاضطراب. وبيّن أن النتائج الأولية تشير إلى أن 25% من الحالات في قطر لها عوامل جينية واضحة، وهي نسبة تتجاوز المتوسط العالمي البالغ 12.5%.

منصة دعم مجتمعي

من جانبها، صرّحت الدكتورة دينا آل ثاني، الأستاذة المشاركة في قسم تكنولوجيا المعلومات والحوسبة بجامعة حمد بن خليفة، أن العمل على هذه الإستراتيجية بدأ قبل نحو عامين، عقب طاولة مستديرة ترأستها الشيخة موزا بنت ناصر، جمعت خبراء من مؤسسة قطر ومؤسسات الدولة لمناقشة التحديات التي يواجهها ذوو التوحّد.

وأشارت إلى أن الإستراتيجية تضم أربعة محاور تكاملية: التعليم، الصحة، المجتمع، والبحوث والابتكار. وأكدت أن أحد أبرز مبادراتها هو تأسيس منصة إلكترونية شاملة لدعم الأهالي بالخدمات والتوعية، بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة التي تمتلك خطة وطنية للتوحد.

كما شددت على أهمية توفير برامج تدريبية وتأهيلية للبالغين من ذوي التوحّد لدمجهم في سوق العمل، وتمكينهم من الالتحاق بالتعليم الجامعي والتدريب المهني، مؤكدة أن هذه النقاط تشكل جزءاً جوهرياً من أهداف الإستراتيجية طويلة المدى.

رؤية شاملة مدى الحياة

في السياق ذاته، أوضح الدكتور هلال الأشول، أستاذ علم الأعصاب في وايل كورنيل للطب – قطر، أن الإستراتيجية الجديدة تتميز برؤيتها الشاملة التي تغطي كافة مراحل حياة الفرد، بدءاً من التشخيص المبكر، مروراً بمرحلة التعليم، ووصولاً إلى التمكين الاجتماعي والمهني، عبر نهج شخصي مخصص يتوافق مع مراحل النمو والاحتياجات الفردية.

ونوّه إلى أن الخطط السابقة كانت مشتتة بين مؤسسات مختلفة، بينما تمثل هذه الإستراتيجية إطاراً موحداً يربط بين الجهود، ويوفر مساراً واضحاً وفعّالاً للأشخاص ذوي التوحّد وأسرهم.

بهذه الإستراتيجية الطموحة، تضع مؤسسة قطر نفسها في طليعة الدول الساعية لبناء مجتمع أكثر شمولية وإنصافاً، يعزز من قدرات أفراده ويُمكّنهم من الإسهام الفعّال في التنمية الوطنية، من خلال العمل العلمي المتكامل والمبادرات المجتمعية المؤثرة.

زر الذهاب إلى الأعلى