حساب وهمي يستنسخ ذكرى ابنة مفقودة: صدمة لعائلة كريستني تكشف ثغرات في قوانين الذكاء الاصطناعي


في فبراير 2006، اختفت الشابة جينيفر كريستني البالغة من العمر 18 عامًا، وبعد بحث طويل تم العثور على جثتها في الغابات المجاورة لمنزلها. كانت هذه الحادثة صدمة قاسية لوالديها اللذين انفصلا لاحقًا وأسس كل منهما مؤسسة خيرية تحت اسم ابنتهم بهدف مكافحة العنف ضد المراهقين، بالإضافة إلى الضغط على ولاية تكساس لسن قوانين تنظم علاقات المراهقين. ورغم مرور 18 عامًا على الحادثة، إلا أن والديها لم يتخطيا بعد فقدان ابنتهما.
في صباح يوم 2 أكتوبر 2024، فوجئ الأب درو كريستني بتنبيه غير مألوف على حسابه في “غوغل”، كان يحتوي على تفاصيل مثيرة للدهشة. إذ تبين أن هناك حسابًا يحمل اسم ابنته وصورة لها من سجل مدرسي قبل وفاتها، وكانت البيانات الموجودة على الحساب صحيحة تمامًا، مع زر يدعو الزوار للدردشة مع جينيفر وكأنها ما زالت على قيد الحياة. صدم كريستني من هذا الاكتشاف، وقرر التفاعل مع الموقع الذي استضاف الحساب الوهمي، مطالبًا بحذفه وتوضيح ما حدث.
على الفور، قام الموقع بحذف الحساب الوهمي واعتذر عن الواقعة، مؤكدًا أنه يتبع سياسة صارمة تمنع إنشاء مثل هذه الحسابات. لكن رغم ذلك، فإن الحادثة أثارت مشاعر الغضب لدى عائلة كريستني، حيث اعتبر العديد منهم، ومن بينهم بريان شقيق والد جينيفر، أن ما حدث يعد انتهاكًا لخصوصية الأسرة ويجب أن يُمنع قانونيًا. وكشف كريستني عن أن المنصة التي استضافت الحساب الوهمي هي “كاراكتر إيه آي” (Character.AI)، التي تتيح للمستخدمين إنشاء روبوتات دردشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتستنسخ الشخصيات الواقعية بناءً على المعلومات المتوفرة عبر الإنترنت.
تسبب هذا الحساب الوهمي في صدمة كبيرة، لاسيما وأن المنصة تتيح للمستخدمين إنشاء شخصيات من الماضي باستخدام تقنيات متقدمة، مثل استخدام الصوت لتوليد محاكاة صوتية دقيقة للشخص المتوفى. وبالرغم من أن “كاراكتر” قد حذفت الحساب وأصدرت اعتذارًا، إلا أن هذه الحادثة سلطت الضوء على غياب قوانين صارمة تمنع مثل هذه الانتهاكات.
وتعتبر الحادثة بمثابة ناقوس خطر بشأن غياب الرقابة القانونية على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث لا توجد قوانين خاصة لحماية خصوصية الأفراد وحماية حقوق أسرهم من إنشاء شخصيات وهمية تستند إلى بياناتهم الشخصية. في هذا السياق، انتقد جين كالتريدر، الباحث في مجال الخصوصية، سياسة “كاراكتر” بشأن المحتوى المنشور على منصتها، مشيرًا إلى أن الشركة ينبغي أن تتخذ إجراءات وقائية قبل أن تسبب هذه الحسابات الوهمية ضررًا للأسر.
كما أشار الباحث في مؤسسة “Public Citizen” ريك كلايبول إلى أن شركات الذكاء الاصطناعي تعمل حاليًا ضمن قوانين مراقبة المحتوى على الإنترنت، دون وجود تشريعات خاصة تواكب التطور السريع لهذه التقنيات، وهو ما يتيح لهذه الشركات تحوير السياسات بما يتناسب مع مصالحها.
في النهاية، يسعى كريستني الآن لطرح صيغة قانونية على مجلس الشيوخ في ولاية تكساس، لفرض قوانين تحد من استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء الحسابات الوهمية للأشخاص المتوفين. ومع ذلك، تبقى هذه المعركة القانونية معقدة، بالنظر إلى نفوذ شركات التكنولوجيا الكبرى.