الصحة

تقنية مبتكرة لتحفيز النخاع الشوكي كهربائيًا دون جراحة: أمل جديد لمرضى الإصابات العصبية

طوّر فريق من الباحثين في المركز الطبي بجامعة تكساس ساوث ويسترن شبكة متقدمة من الأقطاب الكهربائية توضع على ظهر المرضى، بهدف تطبيق تحفيز كهربائي منخفض الجهد عبر الجلد، يساهم في تعديل نشاط الخلايا العصبية في النخاع الشوكي بشكل مؤقت.

وكشفت الدراسة، التي نُشرت في مجلة الهندسة العصبية، عن إمكانات واعدة لهذه التقنية غير الجراحية في علاج حالات الألم المزمن، التشنجات العضلية، والشلل، لاسيما لدى المصابين بإصابات النخاع الشوكي أو الذين يعانون من آثار السكتات الدماغية.

نهج بديل للتحفيز الجراحي

وأوضح قائد الفريق البحثي، الدكتور ياسين ضاهر، أستاذ الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل، بالتعاون مع طالب الدراسات العليا هيونغتايك توني كيم، أن القدرة على تعديل دوائر النخاع الشوكي دون الحاجة إلى تدخل جراحي تمثل خيارًا واعدًا للمرضى الذين لا يرغبون أو لا يستطيعون الخضوع لعمليات الزرع الجراحية المستخدمة تقليديًا في هذا المجال.

فخلال السنوات الماضية، أثبتت أجهزة التحفيز المزروعة في العمود الفقري فعاليتها في استعادة الوظائف الحركية مثل الوقوف والمشي لدى المرضى المصابين بقطع في النخاع الشوكي. إلا أن تلك الأجهزة تتطلب عمليات جراحية معقدة تنطوي على مخاطر ومضاعفات، فضلاً عن الحاجة لفترة طويلة من التعافي.

تصميم مبتكر لتحسين كفاءة التحفيز

وفي محاولة للتغلب على التحديات المرتبطة بالتحفيز الخارجي، طوّر الباحثون شبكة جديدة تتكون من 8 أزواج من الأقطاب الموجبة والسالبة، مرتبة بدقة على ركيزة لاصقة صغيرة مصممة لتكون متوافقة حيويًا مع الجلد. ويتيح هذا التصميم توجيه التيار الكهربائي بدقة سواء بشكل عرضي أو قطري عبر المنطقة القطنية-الصدرية من الحبل الشوكي.

وعلى خلاف الوسادات الكهربائية الكبيرة المستخدمة سابقًا، والتي عانت من ضعف في تركيز التيار، تُمكّن الشبكة الجديدة من التحكم الدقيق في موقع التحفيز وتأثيره العصبي، مما يزيد من فعالية العلاج.

تجربة سريرية أولية واعدة

اختُبرت التقنية الجديدة على 17 متطوعًا سليمًا بمتوسط عمر 29 عامًا، حيث تم وضع الشبكة الكهربائية أعلى الفقرتين الصدريتين العاشرة والحادية عشرة. وركز التحفيز على العضلة الظنبوبية الأمامية، المسؤولة عن حركة ثني الكاحل.

وأظهرت النتائج أن التحفيز الكهربائي بتيار منخفض (40 ملي أمبير) أدى إلى تثبيط مؤقت في نشاط الخلايا العصبية، استمر حتى 30 دقيقة بعد إيقاف الجهاز. وتم تسجيل فعالية أكبر عند توجيه التيار بزاوية قطرية، ما يعزز فرص استخدام هذه التقنية مستقبلاً كعلاج لحالات مثل التشنج أو الألم المزمن.

آفاق علاجية متعددة

أكد الباحثون أن الجهاز آمن وسهل الاستخدام، ويمكن تعديله بسهولة ليناسب أماكن مختلفة من العمود الفقري وفق احتياجات المريض، ما يتيح إمكانية تخصيص العلاج. كما أشاروا إلى أن نماذج تحفيز كهربائي أخرى قد تُستخدم لتحفيز الخلايا العصبية بدلًا من تثبيطها، مما قد يساعد على استعادة الوظائف الحركية لدى المرضى الذين يعانون من تدلي القدم، وهي حالة شائعة بعد السكتات الدماغية.

ويخطط الفريق البحثي لمواصلة تطوير الجهاز وتحسين تصميمه، مع التقدم بطلب للحصول على براءة اختراع، مما يفتح الباب أمام جيل جديد من العلاجات العصبية غير الجراحية التي قد تُحدث تحولًا نوعيًا في حياة المصابين بالأمراض العصبية.

زر الذهاب إلى الأعلى