التحديات المالية والمصرفية في سوريا: قيود على القروض وتدهور في السيولة وسط التضخم
تخضع برامج الإقراض في المصارف الحكومية السورية لتعديلات جديدة بعد تعليق منح القروض الشخصية مؤقتاً بسبب نقص السيولة المتاحة للإقراض، والتفاوت الكبير بين مستويات الدخل التي تتراجع بسبب انخفاض قيمة الليرة، وبين قيمة الأقساط المترتبة على القروض.
وصرح الدكتور علي يوسف، المدير العام للمصرف التجاري السوري، لصحيفة “تشرين” المحلية، أن القروض ستخضع بعد تقديم الطلبات الجديدة لخطة إقراض تعتمد على طاقة كل فرع من الفروع، وستكون محدودة بعدد معين شهرياً.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه مصارف مثل “التسليف الشعبي” و”التوفير” عن رفع سقف القروض الشخصية وعادت إلى السقف القديم البالغ 5 ملايين ليرة (حوالي 350 دولاراً)، استمر المصرف العقاري في منح القروض الشخصية بسقف 10 ملايين ليرة (حوالي 700 دولار).
من جانبه، ربط معاون مدير عام مصرف التسليف، عدنان حسن، رفع سقف القروض بتوافر السيولة، مشيراً إلى أن تعزيز السيولة يتطلب استقطاب المزيد من الودائع. وأكد في تصريحات لصحيفة “الوطن” أن رفع سعر الفائدة على الودائع، الذي يصل إلى 13% أحياناً، لم يسهم في زيادة معدلات الإيداع بسبب المخاوف من التضخم وتقييد السحوبات.
وأكد الدكتور رغيد قصوعة، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أن عوامل مثل نقص السيولة وارتفاع التضخم وتقييد السحوبات دفعت الكثير من الأفراد للادخار خارج المصارف، مضيفاً أن رفع سعر الفائدة لم يكن حلاً فعالاً.
وأشار إلى أن مجلس النقد والتسليف رفع سعر الفائدة على الودائع بالليرة وشهادات الاستثمار من 7% إلى 11% للحد من المخاطر المرتبطة بالمضاربات المالية وجذب المدخرات.
بدوره، أشار الدكتور حسن حزوري، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب، إلى أن السياسات الحالية للبنك المركزي في تجفيف السيولة قد أثرت سلباً على ثقة المواطنين في إيداع أموالهم بالمصارف، لاسيما مع صعوبة سحب الأموال عند الحاجة.
وفي الوقت نفسه، أضاف منهل جانم، مدير الأبحاث الاقتصادية في البنك المركزي، أن الإجراءات النقدية المتخذة منذ 2022، مثل رفع أسعار الفائدة، ساهمت بشكل إيجابي في تحسين هيكلية السيولة لدى المصارف العامة والخاصة.
ومع ذلك، تبقى المخاطر المحيطة بالقطاع المصرفي السوري قائمة، حيث تتعرض المصارف لمخاطر ائتمانية وسيولة وسعر صرف، نتيجة العوامل الاقتصادية والسياسية المتداخلة، مما يؤثر سلباً على قدرة المصارف على تقديم خدماتها المالية بكفاءة.