اقتصاد

استثمارات خليجية وسورية ضخمة تنتظر رفع العقوبات لبدء تنفيذ مشاريع في سوريا

كشف مصدر مطلع قريب من الحكومة السورية أن مستثمرين من الخليج وسوريا قدموا مقترحات لتنفيذ مشاريع استثمارية ضخمة في البلاد، في حال رفع العقوبات المفروضة عليها.

وأكد المصدر، في تصريح خاص لموقع الجزيرة نت طالباً عدم الكشف عن هويته، أن المشاريع المطروحة تتضمن إنشاء مصانع كبرى بقيمة تقديرية تبلغ نحو 68 مليار دولار في المرحلة الأولى، ما من شأنه توفير عشرات الآلاف من فرص العمل، لاسيما في قطاعات الأسمنت والحديد، مع إمكانية تصدير الفائض بعد تلبية الاحتياجات المحلية.

وأشار المصدر، الذي أجرى جولات في عدة دول والتقى عدداً من المستثمرين، إلى وجود خطة مقترحة لبناء “مدينة دمشق الحديثة” قرب مطار المزة، على مساحة واسعة تُقدر بمئات الدونمات، بالإضافة إلى إقامة قرى نموذجية وإعادة إعمار الأحياء المتضررة، دون انتظار خطط الإعمار الرسمية، شريطة رفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا.

وأوضح أن العقوبات الأميركية تمثل العقبة الأساسية أمام دخول رؤوس الأموال والاستثمارات العربية والأجنبية، وتأخير بدء عملية إعادة الإعمار الشاملة.

عوائق قانونية وتعقيدات إجرائية

وفي سياق متصل، قال الدكتور فاروق بلال، رئيس المجلس السوري الأميركي، إن العقوبات الأميركية – رغم استثنائها لعدد من القطاعات – ما تزال تشكل تحدياً كبيراً أمام المستثمرين الراغبين بالعمل في سوريا.

وأضاف بلال، في حديثه للجزيرة نت، أن مخاوف المستثمرين تتركز حول احتمالية استهدافهم من قبل وزارة الخزانة الأميركية، خاصة إذا تم اعتبار أن مشاريعهم تقدم دعماً غير مباشر لجهات أو قطاعات خاضعة للعقوبات.

وأشار إلى أن إجراءات “الامتثال الصارم” التي تُلزم المستثمرين بتوثيق شفاف لأنشطتهم، تضيف أعباء إدارية ومالية كبيرة، وقد تعرضهم لعقوبات مباشرة في حال حدوث أي تجاوز أو خطأ.

ولفت إلى أن قراراً تنفيذياً أصدره الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عام 2011 لا يزال سارياً، ويمنع السوريين الأميركيين من الاستثمار في سوريا، كما يحظر دخول المنتجات الأميركية إلى السوق السورية، مما يزيد من تعقيد البيئة الاستثمارية.

وأوضح بلال أن الترخيص العام الصادر مؤخراً عن إدارة الرئيس جو بايدن، والذي يسمح ببعض الأنشطة الاقتصادية في سوريا، غير كافٍ، إذ لا تتجاوز مدته ستة أشهر، ما لا يوفر ضمانات كافية لمشاريع طويلة الأمد.

اهتمام متصاعد واستعداد مشروط

رغم القيود والعقوبات، أبدى عدد من المستثمرين السوريين في الخارج، إضافة إلى مستثمرين أميركيين، اهتماماً مشروطاً بالاستثمار في سوريا، خاصة في حال توفير بيئة قانونية آمنة وحوافز واضحة تضمن حماية رؤوس الأموال من تبعات أي إجراءات عقابية مستقبلية.

وفي هذا الصدد، أكدت ميساء قباني، نائبة رئيس منظمة “غلوبال جستس” الأميركية، أن عدداً كبيراً من السوريين الأميركيين يعتزمون ضخ مليارات الدولارات في مشاريع متنوعة داخل سوريا.

وأوضحت في تصريحها للجزيرة نت أن القطاعات المستهدفة تتنوع بين الطاقة والنفط والتكنولوجيا، إلى جانب مشاريع إعادة إعمار المباني والبنية التحتية. وأشارت إلى أن محادثات جدية تُجرى حالياً بين عدد من الوفود الاستثمارية لمناقشة فرص الدخول في هذه القطاعات.

نماذج ناجحة رغم التحديات

بدوره، أكد المستثمر السوري وليد إيبو، الذي عاد إلى مدينة حلب بعد التحرير، أن شركته نجحت في إعادة إطلاق نشاطها التجاري والصناعي، وأصبحت تعمل حالياً في خمس دول أفريقية ودولتين عربيتين، مع اتخاذ سوريا مركزاً إقليمياً لها.

وأشار إيبو في تصريحه للجزيرة نت إلى أن شركته بدأت بالإنتاج بإمكانيات محدودة وتمكنت من تصدير عدة شحنات إلى أفريقيا، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، وعلى رأسها العقوبات، التي تعرقل التحويلات المالية وسلاسل التوريد وسفر رجال الأعمال.

وأضاف أن شركته تضطر لاستيراد مواد أساسية مثل الألمنيوم والحديد من أوروبا، ما يضيف عبئاً كبيراً على تكلفة الإنتاج، لكنه شدد على وجود رغبة قوية لدى العديد من رجال الأعمال السوريين في الخارج بالعودة إلى بلادهم والاستثمار فيها.

وختم بالإشارة إلى أن رفع العقوبات يشكل أولوية قصوى لإطلاق عملية الإعمار وتحفيز الاستثمار، مؤكداً استعداد المستثمرين لضخ مليارات الدولارات بمجرد توفير الضمانات القانونية والسياسية اللازمة.

ترقب مشوب بالحذر

في ظل استمرار حالة الغموض القانوني والسياسي، ينتظر المستثمرون إشارات أكثر وضوحاً بشأن مستقبل العقوبات وسبل حماية استثماراتهم. وبينما تبقى آمال السوريين معلقة على تخفيف القيود الدولية، يظل إعادة إعمار البلاد وإنعاش اقتصادها مرهوناً بتوفير مناخ استثماري آمن ومستقر.

زر الذهاب إلى الأعلى