الأخبار الدولية

أزمة الجيش الإسرائيلي: تصدعات في الانضباط وتحديات غير مسبوقة في ظل حرب طويلة الأمد

في ظل غيوم الحرب الكثيفة التي غطت سماء غزة لأكثر من عام متواصل، يقف الجيش الإسرائيلي اليوم على أعتاب أزمة غير مسبوقة. فهذه الحرب، الأطول في تاريخ إسرائيل، لم تقتصر آثارها على أرض المعركة فقط، بل تركت ندوبًا عميقة في نفوس الجنود وأحدثت تصدعات في بنيته التنظيمية.

على مدى 465 يومًا، عانت ساحات القتال من معارك طاحنة أودت بحياة الآلاف من الجنود الإسرائيليين، بين قتيل وجريح، واستنزفت موارد الجيش البشرية والمادية. وفي ظل هذا الاستنزاف، برزت مشاكل خطيرة في الانضباط العسكري، وهو ما كشفه تقرير أعده خبراء عسكريون ونُشرت تفاصيله في صحيفة يديعوت أحرونوت، مشيرًا إلى تراجع ملموس في مستوى الالتزام داخل صفوف الجيش.

تصدعات في الانضباط العسكري

كشف التقرير عن تدهور واضح في معايير السلامة والانضباط بين القوات الإسرائيلية المشاركة في العمليات القتالية، حيث أرجع الأسباب إلى عاملين رئيسيين:

  1. الإرهاق الشديد الناتج عن استمرار العمليات العسكرية.
  2. النقص الحاد في القوى البشرية، حيث تجاوزت الخسائر البشرية 10 آلاف جندي بين قتيل وجريح منذ بداية المعارك.

ورصد التقرير 12 ظاهرة تشير إلى ضعف الانضباط، منها استخدام الهواتف المحمولة في ساحات القتال، السماح بدخول مدنيين إلى مناطق العمليات دون تصاريح، والاستخدام غير الآمن للأسلحة. كما أشار إلى تفشي عدم الالتزام بقواعد الزي العسكري.

حوادث بارزة

وثّق التقرير العديد من الانتهاكات، كان أبرزها دخول الحاخام تسفي كوستينر إلى غزة دون تصريح، ومقتل الباحث زئيف إيرلتش إثر مرافقته القوات الإسرائيلية في لبنان دون إذن رسمي. هذه الحوادث دفعت رئيس الأركان هرتسي هاليفي إلى تشكيل لجنة تحقيق خاصة، بقيادة اللواء موتي باروخ، لدراسة هذه الحوادث ومراجعة العمليات في القيادتين الجنوبية والشمالية.

محاولات للمعالجة

أوصت اللجنة باتخاذ إجراءات لتعزيز الانضباط، مثل تعيين مرشد عام لكل قائد فرقة ووضع معايير موحدة. وأكدت قيادة الجيش أن بعض المخالفات كانت معزولة وتم التعامل معها بعزل الضباط والجنود المخالفين.

تحديات استراتيجية ومالية

حذر الجنرال المتقاعد إسحاق بريك من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى هزيمة إسرائيل، مشيرًا إلى تأثيرها السلبي على الاقتصاد، العلاقات الدولية، والقوة الوطنية. ودعا إلى إعادة النظر في استراتيجية “الجيش الصغير والذكي”، حيث أظهرت الحرب الحاجة إلى تعزيز القوات البرية، خاصة سلاح المدرعات والمدفعية، مع تطوير منظومات الاستخبارات والحماية.

على الجانب المالي، تواجه إسرائيل عبئًا هائلًا، إذ قُدّرت تكاليف الحرب بمئات المليارات من الشواكل. وأوصت لجنة نيجل بزيادة ميزانية الدفاع بنحو 133 مليار شيكل على مدى العقد المقبل، لتغطية خسائر الحرب وتجديد المعدات العسكرية.

سباق مع الزمن

في ظل هذه التحديات، يسعى الجيش الإسرائيلي لإعادة بناء قدراته، خاصة في القطاعات البرية والجوية، مع التركيز على تطوير أسطول الطائرات المقاتلة والمروحيات وتعزيز منظومات الحماية والاستخبارات. ورغم الجهود المبذولة، يبقى الجيش أمام معركة طويلة لإعادة ترتيب صفوفه واستعادة هيبته.

زر الذهاب إلى الأعلى